الاثنين، 2 يناير 2012

(أسطورة) خوف الغرب من حكم الإسلاميين……. د. هشام الحمامى

د. هشام الحمامى   |  31-12-2011 14:44 
يروون فى الحكايات أنه كانت هناك حمامة تقيم على رأس نخلة كانت إذا باضت ثم حضنت بيضها وخرجت منه الفراخ الصغيرة جاءها ثعلب فوقف بأصل النخلة فصاح بها وتوعدها أن يرقى إليها أو تلقى إليه فراخها..فكانت تلقيها إليه وهى تعتصر حزنًا ..فبينما هى ذات يوم وقد أدرك لها فرخين.. إذ أقبل مالك الحزين فوقع على النخلة.
فلما رأى الحمامة كثيبة شديدة الهم قال لها مالى أراك كاسفة البال سيئة الحال؟ فقالت له:يا مالك الحزين إن ثعلبا دهيت به كلما كان لى فرخان جاءنى يتهددنى ويصيح فى أصل النخلة إما أن يصعد لى أو أطرح إليه فرخى. فقال لها مالك الحزين :إذا أتاك ليفعل ذلك فقولى له لا ألقى إليك فرخى فاصعد إلى وغرر بنفسك ..فإذا فعلت ذلك طرت عنك ونجوت بنفسى.
فأقبل الثعلب ووقف تحت النخلة ثم صاح كما كان يفعل.. فأجابته الحمامة بما علمها مالك الحزين فوقف الثعلب مدهوشًا محتاسًا حزينًا على هيبته التى ذهبت.. وعلى فراخ الحمامة التى حرم منها .. 

والمعنى أن هناك أكاذيب كبيرة فى الحياة صدقها الناس من طول ترديدها بينهم ..ولم يجرب أحد اختبارها مثلما نصح مالك الحزين الحمامة باختبار تهديد الثعلب لها بالصعود إلى النخلة.

من الأقوال التى طال وكثر ترديدها خلال السنوات الأخيرة مقولة خوف الغرب من حكم الإسلاميين.. وهو الخوف الذى قد يترجم إلى مواقف تهدد الأمن القومى … وإذا نظرنا إلى هذه الأقوال بشكل تجريدى وجدنا أنها غير مؤكدة..وأن فيها مبالغة وتهويل وأنها تحتمل أن تكون تمويها وإيهاما .. 

هى اذن تندرج تحت أنواع الكذب بشكل أو بآخر..وبالتالى فعلى كل من يتحرى الصدق فى أقواله وأفعاله أن يراجع نفسه وأن يتثبت جيدًا من إحاطته بالمسألة وأنه لا يكون من (أتباع كل ناعق)يردد ما يسمعه دون تروى وتثبت.
وفق نظرية النشوء والارتقاء كانوا يقولون إن البقاء للأقوى..لم يعد هذا صحيحًا..الآن يقولون إن البقاء للأكثر قدرة على التكيف.
فى مسألة الإسلاميين والسلطة أخشى أن أقول إننا نرى حولنا بعض النقص فى الإدراك ..وبعض النقص فى الفهم.. وبعض النقص فى التصور والتفسير..

(التيار الإسلامى العريض) من جانبه صحح مواقفه الأولى فيما يتعلق بالبرلمان وهى الخطوة التى تحسب له فبعد أن تحدثوا..عن نسبة العشرين بالمائة والثلاثين بالمائة رأيناهم تقدموا بكل شرف وأمانة وشجاعة لنسبة تقترب من التسعين بالمائة تقريبًا..وهى النسبة التى تمنحهم صلاحيات واسعة فى مدارات السلطة خلال الفترة القادمة..

قرارالتحول الذى حدث فى نسبة المشاركة يظهر قدرًا كبيرًا من الشجاعة السياسية والأمانة التاريخية أذكر هنا مقولة عمر بن الخطاب رضى الله عنه (لا يمنعك رأى رأيته بالأمس فراجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجع عنه فإن الحق قديم ومراجعة الحق خير من التمادى فى الباطل )على أنى لا أعتبر مسافات الخلاف السياسى مهما طالت وتمددت هى نفسها المسافة بين الحق والباطل ..لكن المقصود من مقولة الفاروق هو المسارعة إلى التواجد إلى أقرب نقطة من الصواب فور التعرف عليها . 
لعل الموقف من مسألة الرئاسة ينال نفس القدر من المراجعة والتبين .. أصحاب مدرسة (الحمامة) سيقولون برلمانًا بأغلبية إسلامية ورئيسًا إسلاميًا ؟!..إن ذلك لخطير ..

لكن أهل الدراية من مدرسة (مالك الحزين) سيردون عليهم قائلين وما المانع ؟ إذا كانت المسألة تتعلق بالداخل فنحن أمام انتخابات حرة سيصوت فيها ما يقرب من 50 مليونًا مصريًا ..لهم كل الحرية فيمن يرونه جديرا بثقتهم واختيارهم ممن تتحقق فيه الصفات التى يريدونها لرئيسهم من قوة وقدرة وتوافق واعتدال.

وإذا كانت المسألة تتعلق بالخارج (الغرب وأمريكا) ..فنحن أمام ميدان فسيح لديناميكة الأفكار والمصالح ..عالم الأفكار فى الغرب متطور للغاية وشديد السيولة ..وركام الأوهام الكثيفة فى رؤيتنا للغرب موجود فقط فى أذهان قديمة تعانى من نقص فى الإدراك و الفهم والتصور لحركة التاريخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق