الأحد، 29 يناير 2012

قوس قزح………بقلم: د. نسرين القاضى

عندما تعاطفت مع إخوان الميدان و رفضت ما تعرضوا له من هجوم و تجاوزات يندى لها الجبين حقيقة لم أكن مجرد متعاطفة مع فصيل انتميت له يوما و تربيت فيه لأكثر من أربعة عشر عاما كاملة….

و لم أفعل ذلك أيضا من قبيل الحنين لذكريات و تفاصيل ملحمية !
و عندما سألنى أحدهم مازحا (انتى مش سيبتى الإخوان زعلانة قوى كدة ليه ولا الدم بيحن!؟ )
وجدتني أكتب هذه الكلمات بتلقائية شديدة 
نعم لقد تركت الإخوان و لكنى لم أترك إيماني بالقيم المطلقة كالحق والعدل و الخير والتجرد … إلخ
هذه القيم التي تجعلني أرى الخطأ خطئا بغض النظر عن ماهية فاعله أو المفعول به !
نعم لقد تركت الإخوان ولكنى أبدا لم أترك إيمانى بالثورة كقيمة عظيمة أعتبر الحفاظ عليها من أهم أولويات المرحلة , فهى تمثل مجموعة من القيم المركبة.
قيمة العدل و مكافحة الظلم و سلمية التعبير ماديا و معنويا و التوحد و الامتزاج بين أطياف الشعب
هذه القيم مجتمعة و غيرها الكثير هى ما أفرزت هذه الثورة العظيمة التى خطفت أنظار العالم أجمع و عندما تفقد أحد أو كل هذه القيم فقد أفرغت من محتواها و فقدت رونقها !
نعم لقد تركت الإخوان و لكنى أبدا لم أترك دعمى للمظلوم على اختلاف توجهاته اتفقت معه أم اختلفت
فالتعاطف الإنساني النقى المجرد من أى حسابات أو انتماءات لهو من أسمى سمات الإنسانية
لهذا تعاطفت مع الفتاة المسحولة رغم اختلافي مع معتصمي مجلس الوزراء و تعاطفت مع حركة 6 إبريل عندما وجهت لها اتهامات بدون أدلة وبراهين واضحة و الاشتراكيين الثوريين عندما قدم ضدهم البلاغ إيا ه رغم اختلافى الجذرى مع كل منهما
و الآن أتعاطف مع الإخوان المسلمين كفصيل وطنى بذل و ضحى بالغالي والنفيس ولا زال وواجه كل الهجوم المبتذل عليه بكل تجرد و رقى حق للجميع أن يقدروه و يكبروه !
أنا لا يعنينى فصيل ما أو حزب ما فى حد ذاته قدر ما يعنينى الحق و محاولة محاكاته قدر المستطاع
إن التجرد للحق لهو من أشق الأمور على النفس التى جبلت على حب الهوى واتباعه
و بقدر انتمائك النفسى للأشياء والأشخاص بقدر ما ينقص ذلك من تجردك لقيمة الحقلأنه يجعلك ترى الامور غالبا من منظور انتمائك الضيق
و بقدر تحررك منه بقدر ما كانت نظرتك للأشياء بانورامية و أكثر تركيبا !
و 
كلما تجردت للحق كلما صارت آراؤك أكثر تركيبا و هو ما لا يدركه عادة أصحاب النظرة الضيقة !
هم لا يفهمون بسهولة كيف تكون مع و ضد معا !
فهم لا يفهمون إلا المنطق الجورج بوشى العقيم الذى صار جزء من تركيبة البعض (من ليس معنا فهو ضدنا!)
و لهذا يصرون دوما على تصنيفك فى خانة ال (مع) أو ال (ضد)
قل لهم أنك تطالب بإسقاط حكم العسكر وتحب أهلك من الجيش المصرى لما تلمسه من معاناتهم وما يحملونه وحملوه من مشقة وجهد من أول يوم فى الثورة !
قل لهم أنك تختلف مع بعض اداءات الإخوان السياسية ولكنك دعمتهم فى انتخابات مجلس الشعب وترفض موقفهم من ترشح دكتور ابو الفتوح للرئاسة فى آن واحد !
قل لهم أنك تستمتع بحديث الشيخ صلاح أبو إسماعيل و تكبر مواقفه الثورية ولكنك ترفضه كمرشح رئاسي !
و غيرها الكثير و الكثير من الأمثلة تجدهم فيها يرتبكون على أقل تقدير إن لم يهاجموك و يقذفوك بقوالب جاهزة من الاتهامات !
لم تكن الحياة أبدا و لن تكون صورة باللونين الأبيض و الأسود فقط !
و لكنها دوما قوس قزحية الألوان
تناغم لونين أو أكثر ينتج عنه لون مختلف تماما !
و ما تراه أعيننا و تلمسه حواسنا القاصرة لهو جزء من الحقيقة و ما خفى من التفاصيل أكثر بكثير مما نظن ونعتقد!
و كما قال العبقري أحمد خالد توفيق
(الأبيض لا وجود له بل هو السبعة ألوان و قد جاءت معا! و الأسود لا وجود له بل هو السبعة ألوان و قد غابت معا , تدنو من الشئ أو الشخص أو الحقيقة فتدرك أنه ليس واحدا و أن التجانس المزعوم وهم)!
بقدر قوس قزحية أفكارك بقدر ما اقتربت من جوهر الحقيقة !
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه و أرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق