الأربعاء، 18 يناير 2012

ولا أراك .. خمسة عشر يوماً……….بقلم/ محمد صلاح الدين

ولا أراك .. خمسة عشر يوماً

بقلم/ محمد صلاح الدين

عن أنس بن مالك ، أن رجلاً من الأنصار ، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم: يسأله ، فقال : لك في بيتك شيء ؟ قال: بلى، حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقدح نشرب فيه الماء، قال : ائتني بهما، قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، ثم قال: من يشتري هذين؟

الإنسان بين الحاجة والقدرة
فقال رجل: أنا أخذهما بدرهم، قال : من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثاً ، قال رجل أنا أخذهما بدرهمين ، فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري، وقال :اشتر بأحدهما طعاماً، فانبذه إلى أهلك واشتر بالأخر قدوماً، فأتني به، ففعل، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشد فيه عوداً بيده ،
 
وقال: اذهب فاحتطب ولا أراك خمسة عشر يوماً، فجعل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم ، فقال: أشتر ببعضها طعاماً وببعضها ثوباً، ثم قال : هذا خير لك من أن تجيء والمسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع، أو دم موجع.( سنن ابن ماجة رقم: 2189)
 
المسئولية المجتمعية ..الإنسان أولاً

الحديث أبلغ من أن يُشرح و أولى بأن يُستلهم منه تلك الروح النبوية التي تبعث في الإنسان العزة وتستنهض فيه الكرامة ليصبح في المستقبل أفضل مما هو عليه في الماضي، لذا نستطيع أن نعتبر هذا الحديث حجر الأساس لبناء الإنسان المدني المعاصر الذي لا يقبل أن يكون عالة على غيره من البشر بل أن يكون شريكاً لهم ومؤسساً معهم في المجتمع، ولما لا وهو يدرك بأنه خارج الحالات الثلاث التي تصح بحقهم المسألة ممن أصيبوا بفقر مدقع أو غرم مفظع أو دم موجع .

ولكن المسئولية لا تقع على إدراك ووعي وعفة الفرد فقط وإن كانت هي الأساس ، ولكنها تقع أيضاً على المجتمع المدني بأسره حكومة وشعباً ، أفراداً وجماعات ،منظمات وهيئات ربحية أو خيرية لممارسة دورها في تطبيق جوهر المسئولية المجتمعية بدعم كل إنسان قادراً على العمل البدني أو الذهني.
إن المجتمع المدني الحقيقي يفترض عليه شرعاً وخلقاً التكفل بالحالات الإنسانية التي تحتاج إلى دعم ممن ذكروا في الحديث أو من غيرهم من الفقراء من أصحاب المواهب والطاقات في إطار منظومة تجرم الفقر وتساعد الفقراء على العيش الكريم من خلال سد الحاجة بإكتشاف وتطوير القدرات الإنسانية بفتح مشاريع الكساء والإطعام والعلاج وكفالة التعليم والسكن المجاني برعاية الدولة ومنظمات المجتمع.
 
 والسؤال هو:  كيف تتم عملية تنمية المجتمع والإنسان في آن واحد؟
 
ولعل هذا ما سنحاول الإجابة عليه في المقالة القادمة التي ستحاول تقديم رؤية ربما تحمل بين جناحيها الخطأ والصواب في آن واحد معاً، ولكنها محاولة يجب أن تتبعها محاولات متكررة ومشاريع جادة لتحريك المياه المجتمعية الراكدة ودفعها لتحفيز ذوي المواهب والطاقات والاستفادة من أصحاب الامكانيات لتحقيق الاكتفاء ودفعهم لتحقيق النجاح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق