الأحد، 11 مارس 2012

الموقف من انتخابات الرئاسة.... محمد عريضة


لاشك أننا نعيش الآن مأزقا حقيقيا فى جماعة الاخوان المسلمين، نتيجة موقف الجماعه من انتخابات الرئاسة. اتخذ الاخوان فى يوم 10 فبراير2011  قرارا بأنهم لن يرشحوا أحدا منهم لمنصب الرئاسة، وألا يكون لهم نسبة غالبة فى البرلمان، وهذا القرار فى حينه كان موفقا وحظى بترحيب كبير لأنه جاء في وقت كان مبارك يخوف الداخل والخارج من الاخوان ويتخذهم ذريعة لتمسكه بالسلطة. اراد الاخوان –وكانوا محقين وموفقين وقتها- أن يبطلوا له حجته ويطمئنوا الداخل والخارج.

ومع تداعى الاحداث وتغير الظروف السياسية ومرور أكثر من عام الآن وفشل محاولة الاخوان للتوصل لرئيس "توافقى" وبزوغ نجم الدكتور/ عبدالمنعم ابو الفتوح القيادى السابق فى الجماعه، يجد الاخوان أنفسهم فى مازق الآن. والمأزق الأكبر –فيما أرى- ليس فى طرحهم لرئيس ما على الشعب، ولكن لإقناع أعضاء الجماعه به. فالنظام السابق جرّف الحياة السياسية تماما، ولم يكن هناك فصيل سياسي يحاول اللعب خارج الخطوط المحددة من النظام سوى الاخوان المسلمين بعد استسلام معظم المعارضة السياسية له. 

إن كان هناك من فائدة لطول الفترة الانتقالية فهى تعرض المرشحين المحتملين للرئاسة لاختبارات عديدة وصعبة، وكان أقلهم أخطاءا هو الدكتور عبدالمنعم (والذي وصفه ا/عاكف بـ"الرمز الوطنيفي تعليقه على حادثة الاعتداء عليه)، مع تزايد الدعم له من قطاعات مختلفة من النخبة والشارع السياسي بما يمثل حالة من التوافق (والتى يبحث عنها الاخوان بصدق) أظن انها غير متوفرة بهذه النسبة الكبيرة فى المرشحين الاخرين. 

قد لايستطيع (إن شئت الدقة لايريد) الاخوان أن يحدد المرشح الذى سيدعمه إلا بعد غلق باب الترشيح وانتهاء فترة الطعون، وهذا كلام مقبول سياسيا وعمليا، ولكنى أرى –من وجهة نظرى المتواضعه- صعوبة أن يظهر مرشح جديد الآن ويستطيع أن يقنع الناس أو أعضاء الاخوان، وبالتالي سيكون الاختيار من بين الموجودين حاليا. 

وأقترح على إخوانى أن يقوموا بإصدار بيان بأن المرشحين الحاليين لا يستوفون الشروط التي وضعها الاخوان (لأنفسهم) للمرشح الرئاسي وأنهم يتركوا الخيار للشعب المصرى. أرى أن هذا الحل هو الأقل كلفة سياسية وأخلاقية نظرا للظروف الحالية، إلا إذا أراد الله أمرا كان مفعولا….

أما موقفى الشخصى من هذا الأمر والذي حدث فيه لغط عند بعض الاخوان فلذا لزم التوضيح:
1- ألتزم بقرار الجماعه فى عدم الترشح (وأنا والله العظيم مش هارشح نفسي) وعدم دعم أحد من المرشحين ينتموا لنا (وأنا لم أدعم احدا (رغم مخالفته قناعتى الشخصية ولكنى ملتزم بالقرار).. وقد جاءنى من يطلب منى توكيلا للدكتور عبدالمنعم فرفضت التزاما بالقرار).

2- قرار الجماعه لم يأت فيه "التصويت" لأحد معين… وبالتالي أعارض من يفسر قرار الجماعه سلبا على فلان أو إيجابا لفلان.
3- أثق تماما فى قيادة الجماعه فى أنها تتقى الله وتبذل قصارى جهدها فى اختيار الأصلح وأنهم يتخذون القرار لمصلحة الوطن وليس لمصالح شخصية.

4- قرار الجماعه فى دعم مرشح معين … سألتزم به … ولكن التصويت بينى وبين ربي.. ولايجوز أن يسألنى أحد عليه….

5- أرفض أن أعطي "شيكا على بياض" للتصويت للمرشح "المجهول" والتى ستقرر الجماعه دعمه "إن هى قررت ذلك". فطاعتنا مبصرة. قرار الجماعه بالدعم هو قرار ملزم لجميع الأعضاء وهو من الشورى "الملزمة" ولكن القرار بالتصويت "إن حدث" لمرشح معين اعتبره من الشورى "المعلمة" والتى يأخذ بها من ليس عنده القدرة على التفاضل والتمييز بين المرشحين، ولا غضاضىة فيمن يجد عنده القدرة على التمييز في أن يختار مرشحا آخر بل يجب عليه ذلك إن غلب على ظنه أن هناك مرشحا أصلح منه، لأن التصويت فى النهاية "شهادة فرديه"
 واقرؤا كلام أ/حسن البنا:
"يجب أن تعلموا أن إعطاء الصوت شهادة يسأل الإنسان عنها، فحكموا ضمائركم وعقولكم، وكونوا أحرارًا في مناصرة الحق، شجعانًا في اختيار الأصلح، واشترطوا على نوابكم أن يكون منهاجهم وطنيًّا إسلاميًّا يؤيد قضية الإسلام، ويعمل على صبغ الأمة بتعاليمه وشرائعه، ولا تغلبنكم المجاملات والعواطف؛ فإن مصلحة الوطن فوق كل اعتبار وتأملوا قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ للهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَن تَعْدِلُوا وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: 135]."

6- ما أفعله من محاولة الفهم ومساعده "متخذى القرار" على اتخاذ القرار المناسب (وإن كان احيانا يأخذ شكلا من السخرية السياسية التى ليس فيها سب وقذف أو تخوين وتشويه) ولايجوز ولا أسمح لأحد أن يطالبنى بالسكوت.

7- كل هذا الخلاف اخوتى الاعزاء كله يقع فى إطار التقدير السياسي، وليس خلافا فى مبادئ الاخوان وقيم الاسلام، فلا يجوز أن يتجاوز بعضنا على بعض بسب أو شتم أو تخوين أو تسفيه…. فنحن "إخوان مسلمون" قبل أن نكون "حرية وعدالة"

8- أرفض وأقف بكل قوة أمام من يسب أو يشتم أو يسفه إخوان كانوا معنا ولازالوا يعملوا لنفس المشروع -وهو المشروع الاسلامي- وإن اختلفت معهم فى بعض التفاصيل، فلا هم متساقطون (رحم الله صاحب هذا الكتاب وغفر له) على طريق الدعوة ولاهم خانوا العهد مع الله … الخ من التهم السخيفة…

وفق الله اخواننا وقادتنا لاتخاذ القرار المناسب الذى فيه خير مصر وشعبها… وأن يرزقنا حسن الخلق في خلافاتنا وألا ننسى الفضل بيننا….. آمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق