الاثنين، 26 مارس 2012

لا إكراه فى الانتخاب……. د/محمد سيف الدولة


 لكل مواطن مصرى بالغ من العمر 18 عامًا حق المشاركة فى الانتخاب الحر النزيه لرئيس الجمهورية حتى لو كان عضوًا فى جماعة الإخوان أو السلفيين أو أحزابهم أو أى أحزاب وجماعات أخرى.
ومن حق أى حزب أو جماعة أو هيئة أن تختار مرشحًا للرئاسة، ولكن ليس من حقها إلزام أعضائها بانتخابه وتهديدهم بإجراءات عقابية إن لم يفعلوا.


فمنذ شهور والناس فى مصر مشغولة بالرئيس القادم، تتحاور وتتشاور وتراقب وتقيم وهى تشعر بأنها اكتسبت مع الثورة حقًا جديدًا لأول مرة فى تاريخها، هو حق المشاركة فى انتخابات رئاسية حرة نزيهة. 
وليس من اللائق أن يأتى لهم فى اللحظات الأخيرة من يقول لهم: لا تشغلوا بالكم، فلقد قضى الأمر وتم اختيار الرئيس بمعرفة القادة أو الشيوخ، وهو شخص مخالف تمامًا لتوقعات الجميع، بل إنه ليس واحدًا ممن تعلمونهم من المتنافسين الحاليين، وهو شخص مغمور ولكنه سينجح رغمًا عن أنف الجميع لأنه سيلقى دعمنا نحن أصحاب الأغلبية. وكأن هناك غرفة تحكم عن بعد تدير مصر من وراء الكواليس.

إن شعور المرشحين والناخبين بأن المرشح الذى يرفضه الإخوان والسلفيون هو ساقط لا محالة وأن لا حول لهم ولا قوة فيما يقرره أصحاب الأغلبية، هو شعور كريه سيدفع الناس دفعًا إلى سحب الثقة الغالية التى منحوها لهم فى الانتخابات البرلمانية مما سيفقدهم أغلبيتهم فى المستقبل القريب.

إن حقيقة أن هناك جهة واحدة صغيرة محدودة العدد هى التى تمسك بزمام الأمور وهى التى تقرر فى النهاية كل شىء هى حقيقة مرفوضة، سواء كانت هى مكتب الإرشاد أو المجلس العسكرى أو شيوخ الدعوة السلفية أو زعماء الليبرالية أو مجلس رجال الأعمال أو لجنة السياسات أو غيرهم. فلا يجب أن يشعر الناس أبدا أن هناك أفرادًا أو أحزابًا أو جماعات فوق الجميع.
إن على أولئك الذين حصدوا أغلبية أصوات الناخبين فى الانتخابات البرلمانية، ألا يتباهوا ويختالوا طوال الوقت بأغلبيتهم، وإلا يجعلوا منها سيفًا مسلطًا على رقاب الجميع، بل عليهم أن يتعاملوا معها بحكمة وبروية حتى لا يستهلكون رصيدهم لدى محبيهم وجماهيرهم.

إن مثل هذه المواقف والسلوكيات تلحق بنا ضررًا بالغًا وتثير مزيدًا من الفتن فيما بيننا، فى وقت لم نتعاف فيه بعد من الفتن السابقة، كما أنها ستثير كثيرًا من الشكوك حول حقيقة الأطراف التى شاركت فى هذا الاختيار أو هذا الترشيح، هل هو الجيش أم الولايات المتحدة أم من؟ فالاختيارات التى تتم فى الظلام بعيدًا عن الرأى العام، تشعر الناس دائمًا أن وراءها نوايا شريرة وصفقات مريبة.

إخوتنا وأصدقاؤنا أصحاب الأغلبية الكرام، أفرجوا عن شبابكم وأعطوهم الأمان، أعطوهم حق الاختيار الحر بدون إكراه أو تهديد، علموهم كيف يختارون ولكن لا تختاروا لهم، زكوا الأصلح ولكن لا تلزموهم به.

ربوهم على أن مصر فوق الحزب والجماعة، وأن للانتماء الوطنى امتيازًا وأولوية على الانتماء الحزبى، وأن يدَ اللهِ مع جماعة الشعب وليس مع جماعة الحزب، وأن الحق فوق الحزب والتنظيم، وإننا سنحاسب أمام الله أفرادًا وليس أحزابًا أو جماعات، وأن العقيدة التى تؤمن بأنه لا إكراه فى الدين لا يمكن أن تقر بالإكراه فى الانتخاب.
بارك الله فيكم وسدد خطاكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق