الاثنين، 26 مارس 2012

إنه لم يتلون !………. مصطفى كمشيش


 استضاف عبد الرحمن يوسف مساء الجمعة 23/3/2012م في برنامجه على إحدى الفضائيات المتحدث الرسمي النابه لحزب النور الأستاذ نادر بكار, وسأله أسئلة عديدة محاولا أن يستدرجه الى الإفصاح عن مرشح النور لانتخابات الرئاسة, لكنه اعتذر مرارا باعتبار أن الحزب لم يقرر بعد, وفي ختام الحلقة (وبذكاء شديد) سأله يوسف عن انطباعه الشخصي عن مرشحي الرئاسة (حمدين صباحي – بثينة كامل – أبو الفتوح – ابو اسماعيل) وهو لا يريد إجابته إلا عن الأبَوين (أبي اسماعيل وأبي الفتوح), لكنه أدرج اسميهما ضمن آخرين ليمرر السؤال, فوصف بكار حمدين صباحي بأنه ثائر, بحاجة الى أن يتعرف الناس به أكثر, وعن حازم فقال : ثائر, يحتاج الى أن يكون أكثر واقعية, وعن بثينة كامل قال: أحتاج الى وقت لكي أتمكن من أقول انطباعي عنها, أما أبو الفتوح فقال عنه نادر بكار : إنه رجل لم يغير مواقفه منذ 1979م ( هكذا قال وهكذا حدد التاريخ).
إن بعض الناس قد يكون أسيرا لانتمائه أو عصبيته, فيكون اختياره الأول تفضيلا وانحيازا الى بعض اقربائه, أو بني عشيرته, أو حزبه أو جماعته.
لكن حين يمتدح بكار( السلفي) أبا الفتوح ( وهو الإخواني منهجا وإن لم يكن إخوانيا تنظيما) فأحسب أن ذلك تجردا كريما, أتمنى أن يسود في حياتنا الدينية والسياسية والثقافية, وإن كان عسيرا جد عسير. 
صفات مُجتمعة وقيادةٌ مُختبرة
لم يولِ ملكُ مصر يوسفَ عليه السلام خزانة مصرإلا بعد ادراكه أن يوسف عليه السلام قد خاض اختبارات سابقة ونجح فيها, فقد اطمئن لعلمه حين أفتاهم بما عجز عنه حاشية الملك,ثم أطمئن لأخلاقه حين ايقن ببرائته من التهم الأخلاقية التي الصقها به (النظام ) زورا وبهتانا, لقد قدم لهم يوسف حلولا مبتكرة قبل أن يخرج من محبسه وقبل اعلان براءته مما كشف للملك عن سمو اخلاقه حين لم يحجب الخير عمن ظلمه,ومن الناحية العملية فقد اقترح يوسف عليه السلام خطة وخارطة طريق تعملان على (الاستقلال الذاتي وانهاض الهمم) حين قال: تزرعون (أنتم وليس غيركم) سبع سنين دأبا (خطة عمل سباعية بجهد ودأب), فلم ينجح فقط في اجتياز الأزمة الاقتصادية التي كادت أن تعصف بمصر وأهلها, ولكنه حقق الوفرة (في ظل أزمة) بما سمح لمصر أن يفيض خيرها على غيرها من البلدان المجاورة.
ولم يول شُعيب موسى عليه السلام ادارة أرضه إلا بعد اجتياز موسى عليه السلام اختبار القوة والأمانة, حين شهدت له أبنة شعيب بقولها (إن خير من استأجرت القوي الأمين),وهنا ندرك أمرا مهما,وهو ضرورة اجتماع الصفتين (القدرة والأمانة), فلم يقل يوسف: (اجعلني على خزائن الإرض إني حفيظ وعليم) ولم تقل ابنة شعيب (إن خير من استأجرت القوي والأمين) بما يوضح التصاق الصفتين أو الشرطين معاً دون انفصال حتى بواو العطف.
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم إيمان ابا ذر الغفاري,لكنه لم يطمئن الى قدرته على تولي أمر الولاية, ففي الحديث الذي رواه مسلم: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب يده على منكبي، ثم قال:(يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها).
ومن هنا ندرك معاً أمراً أخرا, وهو اختبار هذه الصفات عمليا, بما يحقق مصداقيتها, فكم من الناس يتكلمون ويَعِدون, ولقد رأينا كيف أصبح بعض سدنة النظام السابق من أهل السياسة والإعلام والثقافة من مناصري الثورة!.
إننا بحاجة الى استحضار تاريخ الرجال لمعرفة قضية عمرهم من خلال مواقف وتجارب فذة بينت صدق معادنهم وصفاء دواخلهم.
لقد كانت (ليلى) معشوقة العرب,كما يقول بعضهم (الآن) عن (الشريعة) تارة أوعن (حب الوطن) تارة أخرى, وكان كثير من الناس يدعي أنه على علاقة بأشهر نساء العرب (ليلى) لأن في ذلك شهرة له وتميز بين اقرانه, ولم يكن ذلك في جملته صحيحا, ولذلك قال الشاعر: 
كل يدعي وصلا بليلى .. وليلى لا تُقر لهم بذاك
إذا اشتبكت دموع بجفون ..تبين من بكى ممن تباكى 
وهذا يعني باختصار (القيادة المٌختبرة) بمواقف وتاريخ وأحداث لم يتلون معها الإنسان أو يتبدل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق