الجمعة، 11 مارس 2011

المخاوف غير المبررة من صعود الإسلاميين …. د/ هشام الحمامي

هناك اهتمام كبير هذه الأيام داخل مصر وخارجها بالحركة الاسلامية فى تيارها الكبيروهو الاهتمام الذى صاحب زوال الطاغية الذى فرغ نفسه ونظامه لأمرين الأول تجريف مصر سياسيا ونهبها اقتصاديا والثانى محاربة الاسلاميين وتصويرهم للغرب على انهم برابرة أتوا من أول الزمان ليعيقوا التقدم والتطورالانسانى وهو ما تكشف للغرب على انه كذب وتضليل. هذا الاهتمام ايضا كون نفسه من المشهد الشديد الرقى الذى ظهره به الإسلاميون اثناء الثورة. إذ بدا انهم يحملون نفوسا من أنبل النفوس وعقولا من أرصن العقول. خاصة الشباب منهم وواقع الحال إنهم كذلك وأكثر.فقط كانوا ينتظرون لحظتهم التاريخيه التى ما لبثت ان اتتهم فى حينها. وانتظروا الغد.
لكن هذا الاهتمام صاحبه تساؤلات أكثرها تقليدى للغايه ويكاد لايكون. وبعضها معتبر ويحتاج الى وضوح. وهى التساؤلات التى تحولت لدى البعض الى مخاوف حقيقيه. خاصة فيما يتعلق بمسألة الحريات الشخصية ووضع غير المسلمين فى المجتمع والمدى الذى تتحرك فيه المرأة هذا على المستوى الاجتماعى.
على المستوى السياسى هناك قلق من مدى القناعة بالديمقراطية كأحد أفضل النماذج لضبط العلاقة بين السلطة والمجتمع. وفكرة المؤسسات كأبنية تشريعية وتنفيذية ثم هناك الحالة العامة التى يتم فيها التنافس بين الاسلاميين وغيرهم وهى الحالة التى يضطر فيها الاسلاميون إلى أن يقدمواأنفسهم كما هم عليه فى الواقع. فتبدو المسالة توظيفا للدين جلبا لاصوات الناخبين الشديدى الانجذاب للدين. ناهيك عن الحالة الحوارية بين الاسلاميين وغيرهم وهى الحالة التى يلح الاسلاميون فيها على انهم لا يتحدثون باسم الاسلام انما يتحدثون بفهمهم البشرى عن الاسلام وهو الفهم القابل للتغير والقابل للتصويب. وتبقى بالطبع اسرائيل والاتفاقات المبرمة معها وما يحمله المستقبل معها.
على الجانب الاقتصادى هناك اشكالية البنوك والمعاملات الماليه والدخول فى ماكينة الاقتصاد العالمى وما يصاحبه من استقلاليه او تبعية او ما بينها من علاقات.
الحرية الشخصية لا تعنى عدم الالتزام بالنظام الاخلاقى اوالاجتماعى. هذا أمرسىء ولاتقبله الديمقراطية. فى الغرب موقعك يتحدد فيه بمقدارما تلتزم بشروطه. طبعا هناك فرق بين الدولة الملتزمه بدين والدولة غير الملتزمة مشكلة البعض انهم يحاولون تغليب الفهم الغربى لمعنى الحرية. الغرب لا يهتم بالدين ولا باوامرة ونواهية. وليس مطلوبا منا ان نكون كذلك لا المسلم يقبل بذلك ولا المسيحى يقبل بذلك. كثير من الناس فى بلادنا يتصورون حياتهم فى غاية الصعوبه اذا ما صعد الاسلاميون بشكل أو بآخر، لديهم عادات ومالوفات كثيره لا يتصورون خلو حياتهم منها ولانها قد تكون محل نظر وفق تعاليم الدين فانهم قلقون للغاية من ذلك.
وانا لا انكر ان الناس تحتاج الى تطمينات قوية بهذا الصدد لكنه على الجانب الأخر أتصور أن المقاصد الاساسية للدين هى الهدف والمراد عند الإسلاميين وأنهم أكبر وأعقل كثيرا من التعرض لصغائر الأمور. التمكين فى الارض (ليقوم الناس بالقسط) وهوالعدل الذى قامت به السموات والارض كما قال بن القيم. وليس بمطاردة الاخرين فى اللمم والصغائر من الأمور.
وضع غير المسلمين لم يعد محل جدل كثير بعض استقرارمفهوم المواطنة فى الوعى الكلى للمجتمع. وهوما يقر ويشهد به الاسلاميون بشكل قاطع ونهائى. والحديث فى هذا الموضوع بعد ذلك درب من جدل السفهاء. ويكاد يقترب من تهديد الامن الاجتماعى. 
تناول المرأة فى هذا السياق- باختصار شديد- يتصل بأمرين: الحجاب والمشاركة. والحديث حول ذلك لا محل له من الإعراب فى مجتمع ثلاثة ارباع نسائة وبناته محجبات بشكل أو بأخر. وأغلب نسائه -فى الريف والمدينة- عاملات ومشاركات فى كل مناحى الحياة. وكان العلامة محمد مهدى شمس الدين -والذى حدثنا عنه الدكتور العوا كثيرا بحب وتقدير بالغين- قد ذهب الى انه ليس هناك فى الكتاب او السنة او الاجماع او الوجوه الاستحسانيه دليل على اشتراط الذكورة فى السلطة العليا .. وقارن بين نمطين من أنماط الحكم ..النمط القديم الذى يمارس فيه الحاكم السلطة المطلقة والنمط الحديث الذى يقيد الحاكم بالشورى والمؤسسات ويوزع مراكز القرار ويفصل بين السلطات..فى الشكل الاول لا يكون الحكم شرعيا وان تولاه رجل..فى الشكل الثانى هناك مشروعية لتولى المرأة السلطة بكل درجاتها. ويبقى الامر فى درجة الاختلاف الذى يثرى الحياة بالتنوع.
الديمقراطية هى انجح وسيلة مطروحة على مائدة الفكر السياسيى الإنسانى المعاصر. والمؤمنون بضرورة الديمقراطية لتحقيق حقوق الانسان وكرامته لا يتحتم عليهم ان يؤمنوا بالجذورالفلسفية والتاريخية للديمقراطية خاصة ما يتعلق منها بالموقف من الدين. تراث الغرب فى ذلك محزن للغاية وهو ليس كذلك عندنا. ثم ان هناك الملايين من الديمقراطيين لا يرضون عن النزعة الفردية الجامحة ولا يرضون عن الاستغلال الرأسمالى غير الإنسانى الذى لا يؤمن إلا بالاستهلاك. وهم يؤمنون بمسؤلية القادرين ازاء المحرومين.
التنافس الانتخابى بين الاسلاميين وغيرهم يتجه الان بقوة الى معيارية الكفاءة والقدرة والبرامج التى تحمل حلولا تطبيقية. وأتصورأن الجميع الآن يميلون كثيرا الى مخاطبة وعى الناس قبل مشارعرهم ناهيك عن ان التجربة تحمل مكونات نضجها داخلها. وماكان يقبله الناس أمس بسهوله.. تعاطفا وحنينا.. لن يقبلوه اليوم وغدا بنفس السهوله.
إسرائيل فى الوعى السياسى للإسلاميين واقع استعمارى مرفوض قام على الإبادة والاحلال. والعالم الاسلامى له تجربة قرنين من الاستعمار الصليبى انتهت بالطرد وهو ما تدركه اسرائيل. بعض الاسلاميين يرى ان الجهاد بالحرب والقتال هو حل المشكلة. والبعض يرى ان اسرائيل تحمل مكونات فنائها داخلها وأهم مكون هو الغاء حالة الاستنفار الدائمة لديهم أى الشعور الدائم بالخطر الذى هو إكسير حياتهم. ثم النمو السكانى الكبير للفلسطينيين وتبقى المسالة مسألة وقت. اسرائيل الى زوال ومن يتعمق فى كتابات العلامة المسيرى يتأكد لديه ذلك بيقين.
الجانب الاقتصادى لدى الاسلامين والمهتمين بتحقيق الواقع الاسلامى عموما له مساحة نقاش وتدارس واسعة سواء على مستوى البنوك وعبرة الفائدة زيرو او على مستوى مؤسسات الزكاة الكبرى التى توسع من دائرة حركة المال او الاوقاف أوفكرة الغنم بالغرم. ليست هناك معضلة فى هذا الجانب ويبقى الامر فى وجود الأيادى النظيفة التى تعف عن الحرام و ليعاذ بالله. ويبقى المجال فسيحا للاجتهاد المتجدد فى الفهم والاستنباط من النصوص العامة فى مضمونها..المرنة فى صياغتها. وفى التشريع فيما لانص فيه عن طريق القواعد العامة ومقاصد الشريعة ومبادئها الكلية.
لا أرى مبررا مقنعا لحالة الرعب من صعود الاسلاميين ومشاركتهم بقوة فى ادارة شئون مجتمعاتهم سواء معارضين او مشاركين فى المسؤلية. ولى زمن الرعب من العفريت الاسلامى لسبب بسيط. انه ليس هناك ثمة عفريت على الاطلاق . هناك الانسان النبيل الذى يسيرعلى الارض وقلبه معلق بالسماء. فاتحا ذراعيه للبشرمناديا ان قلوب البشر كلها تنبض فى كيانى. ضعف الضعيف فى قوتى. خوف الخائف فى شجاعتى. فقر الفقير فى سخائى. حماقة الاحمق فى عقلى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق