الثلاثاء، 22 مارس 2011

ولتبدأ المرحلة الثالثة ….. معتز بالله عبد الفتاح

انتهت المرحلة الثانية من الثورة المصرية، وهى مرحلة «الرومانسية الثورية» ودخلنا فى مرحلتين متوازيتين بحكم نتائج الاستفتاء، وهما مرحلتا «تصميم المؤسسات البديلة» و«الواقعية الثورية». وكما جاء فى هذا العمود عند الحديث عن مراحل الثورة الخمس فإن المجتمع يصل إلى الواقعية الثورية حين يدرك الثائرون أنهم بحاجة للوصول إلى حلول وسط مع القوى الأخرى فى المجتمع أو مع شركاء لهم فى الثورة ولكن لهم تفضيلات سياسية مختلفة. ونعرف أننا اجتزنا هذه المرحلة حين يتوقف الثائرون عن رفع شعار «الشعب يريد» لأن ما يريدونه يبدأ فى التحقق بالفعل ولكن ليس فى صورته «المثالية» وإنما عبر حلول وسط.
إذن كان يوم 25 يناير هو بداية المرحلة الأولى «هدم القديم»، وكان يوم 12 فبراير هو بداية المرحلة الثانية: «المثالية الثورية» ويوم 20 مارس هو بداية مرحلة «الواقعية الثورية» والتى سترتبط بعملية تصميم مؤسسات الدولة الجديدة لتملأ الفراغ الناتج عن التخلص من النظام القديم. وكما كان هذا العمود جزءا من المرحلتين الأولى والثانية، نسأل الله الإخلاص والسداد والقبول فى القادم من المراحل. وستكون نقطة البداية هى التعرف على أسباب إخفاق بعض الثورات والتحولات الكبرى عن الوصول إلى غايتها الديمقراطية. والإخفاق يأخذ شكلا من ثلاثة:

أولا إخفاق بمعنى أن الثورة أو التحولات الكبرى أدت إلى ديمقراطية لفترة قصيرة ثم ما لبثت أن اختطفت من قبل القوى الأكثر يمينية (مثل هتلر فى ألمانيا) أو يسارية (مثل الثورة البلشفية فى روسيا) أو دينية (مثل الخومينى فى إيران).
ثانيا، أن الثورة أتت بنظام ديمقراطيات هشة (مثل نيجيريا فى كل تاريخ ما بعد استقلالها).
ثالثا، أن الثورة تؤدى إلى حرب أهلية (نيبال شهدت ثورة عام 1990، ثم حرب أهلية من 1996 حتى 2006).

ما هو الطريق لتجنب هذه المثالب؟
أولا: مجتمع مدنى قوى: وبقدر ما يكون من المفيد أن تظهر بعض الأحزاب الجديدة لكن الجهاد الأكبر هو بناء مؤسسات المجتمع المدنى التطوعية (مثل المنتديات والجمعيات الثقافية) التى تكون ساحات للنقاش والتدافع البناء بين المسلم والمسيحى، اليمينى واليسارى، من تعلم فى مدارس حكومية ومن تعلم فى مدارس لغات، وهكذا. فضلا عن مؤسسات المجتمع التمثيلية مثل المحليات والنقابات واتحادات الطلبة حتى يمكن تقوية روابط المجتمع من خلال هياكل الوساطة هذه. أما أن يكون الجهد الأكبر من خلال التحزب والتخندق فقط؛ فهذا ليس فى صالح الوطن. 
ثانيا: تصميم المؤسسات السياسية بما يضمن تعدد مراكز صنع القرار، وفى نفس الوقت الحفاظ على الحد الأدنى من استقرارها. 
ثالثا: حسن تصميم النظام الانتخابى حتى نضمن تمثيلا عادلا للقوى السياسية المختلفة دون أن نسمح لتنوعها الشديد فى الشارع السياسى لأن ينعكس فى داخل البرلمان بنفس القدر. 
وهذه الأهداف تتطلب جهدا جماعيا، يسعدنى أن يسهم فيه هذا العمود.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق