الثلاثاء، 1 مارس 2011

لا سكوت بعد اليوم …. د/هشام الحمامي

شخصيا شعرت باطمئنان من نفى المجلس العسكرى أن يكون لمبارك أي تأثير على صناعة القرار بعد خلعه.. لكن هناك على الأرض علامات استفهام وعلامات تعجب غيرقليلة.
على رأس هذه العلامات شخصية رئيس الوزراء.. ما الذى يدعو للتمسك به وهو من حلف اليمين أمام رئيس مخلوع عنوة من حكمه .حتى لوكانت شخصيته فوق مستوى الشبهات _ هل يبدو الأمر كذلك ؟_ فان مجرد وجوده رئيسا للوزراء استفزاز لمشاعر الشعب . كيف وهو الوزير السابق فى (اليخمة السابقة )ومثله مثلهم فى قصورالتجمع الخامس وشاليهات مارينا وشقق باريس. وثبت للجميع انه كان ضالعا فى الهجوم بالحمير يوم الأربعاء الشهير. ومن يتذكر أحاديثه قبل تنحى سيده لا يستريح البتة لطريقة حديثه ولا للأفكار التى يتضمنها كلامه.. ويكفيه سبة قولته عن رجال الميدان سنرسل لهم بونبون ونخصص لهم الحديقة الدولية يعتصموا فيها ..وجود شفيق على رأس الوزارة حتى ولو لتسيير الأعمال أمر غير مقبول ويلحق بالصورة كلها قدرا كبيرا من التشويه.وما أغنانا جميعا عن هذا الموقف ..ما المشكلة فى د يحيى الجمل أو د جودة عبد الخالق وغيرهم من شرفاء الوطن .

النائب العام مع كل التقدير لمقام منصبه هو أيضا ابن النظام السابق بكل ما تحمله البنوة من صفات و مكونات .. رمزالضمير العام للمجتمع بعد الثورة يجب ألا يكون هو هو قبل الثورة وإلا فان الأمر سيبدو غير مفهوم الى حدود مقلقة جدا.
الحديث نفسه ينطبق على وزير العدل ووزير الخارجية وهما منصبان كبيران يلامسان الناس فى صميم كرامتهم الشخصية والوطنية ..الأول غارق من رأسه حتى أطراف أظافره فى إهانة القضاة وتطويعهم وكسرشوكتهم والتزوير وخيانة الأمة فى الانتخابات..والثانى بذل كل ما فى وسعه ووسع من حوله لتحجيم الوطن..ناقلا الينا صدى باهتا لرئيسه ..و يكفى الذاكرة تقززا منظره وهو يأخذ بيد(ليفنى)من أطراف أصابعها قبل الهجوم على غزة(البيه جنتل ورقيق خالص) فى الوقت الذى كان يتوعد أهل غزة بقطع أرجلهم إذا فكر احدهم فى دخول الأراضي المصرية فرارا من الوحشية الاسرائيلية.

كيف بالله عليكم يبقى هؤلاء يحكمون شعبا ثارعلى فرعونه بكل قوه وعنفوان وتحضر ورقى .. أليس كل ذلك مدعاة للقلق …نحن نعلم ان المجتمع مليء بالثقوب و الثغرات ويحتاج إلى سنوات وسنوات ليستعيد عافيته فى كل المجالات ..والحالة الراهنة ممكن أن تفسر بعض الأشياء لكنها لا يمكن أن تفسر كل شيء..وعلى المجلس العسكرى طمأنتنا بما يكفى لزوال هذه الحالة من الخوف والتشكك التى بدأت تزور اغلبنا بين وقت وأخر.
وعلى ذلك فنحن نحتاج الى قدر كبير من الثقة بين السلطة والمجتمع وكنت ولا زلت أتمنى أن يدشن المجلس العسكري الأعلى هذه الثقة ويدفع بمن يأتي بعده إلى المزيد منها .. فيلغى العمل بقانون الطوارىء و يفرج عن المسجونين السياسيين والذين صدرت ضدهم أحكام من محاكم عسكرية ويتوسع فى محاسبة الفاسدين والمفسدين .

اعلم ان الثورات خاصة ذات الطابع الشعبى المحض كما هو حالنا تحتاج الى وقت كى يصلب عودها وتكتمل ثمارها .. الثورة الفرنسية استمرت عشرسنوات(1789-1799م)..ما بين ملكية دستورية الى نظام جمهورى ثورى متشدد الى عودة كبار الملاك واتحادهم مع الجيش ثم قيام نابليون بانقلاب وتأسيس إمبراطورية ديكتاتورية ثم قيام ثلاث جمهوريات تخللتها امبراطوريتين الى ان استقرت نهائيا عام 1870.. وللعلم فان تعبير (الثورة المضادة) نشأ خلال هذه الأحداث .
المصريون أكثر تحضرا ووعيا ورصيدهم التاريخى والحضارى أكبر كثيرا من غيرهم .

لن يقبل المصريون بأقل من دولة القانون التى ترتكز على تحديد العلاقة بين الدولة والمجتمع بواسطة انتخابات حرة تحت اشراف قضائى كامل تحدد شرعية السلطة السياسية ..
ولن يقبلوا بأقل من ديمقراطية مرتبطة ارتباطا عضويا بالحرية و الوعي واهم ركن من أركان هذه الديمقراطية المساواة التامة للجميع أمام القانون .. 
ولن يقبلوا بأقل من دولة تفصل بين السلطات فصلا واضحا . 
لقد اثبت المصريون بكل عزة وكرامة وإرادة أن العيب لم يكن فى الشرالذى يحيط بهم من كل جانب فقط.. إنما العيب كان فى السكوت على هذا الشر .. وبنعمة من الله أزالوا هذا الشر من حياتهم ولم يعد للسكوت مكان بينهم ولن يسمحوا به ثانية بحال من الأحوال . ألا فليعلم الجميع : لا سكوت بعد اليوم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق