الجمعة، 11 مارس 2011

المصريون بين الثورة والثأر …..معتز بالله عبد الفتاح

أرفض تماما ذبح شباب الثورة الذين قرروا الاعتصام ليلا على مقصلة اتهامهم بالتهور، فلولا "تهورُهم" في فترة سابقة لكنا الآن "نستمتع" بوجوه هي الآن خلف القضبان، وآخرون سيلحقون بهم (قولوا آمين).
لكن في نفس الوقت لا بد من إعادتهم للتيار الرئيسي للثورة المصرية بالتظاهر نهارا وليس الاعتصام ليلا، لأننا، وهم، أهل ثورة ولسنا أهل ثأر. طالب الثورة طالب عدل وحق، وطالب الثأر قد لا يُبالي بهما.

أتفهم تماما حماستهم وأُدين تماما تصرفَهم دفاعا عن الضباط الذين ظنوا فيهم الثورة على الظلم في القوات المسلحة. ولكن قمة العقل أن نفاضل بين شر الخيرين، وخير الشرين. ودرء مفسدة خروج ضباط من القوات المسلحة على قيادتهم أكبر من منفعة المروءة في الدفاع عنهم حتى ولو كانوا على حق. المعتصمون أبناؤنا أرادوا الحق فأخطاؤه. وليس من أراد الحق فأخطأه كمن أراد الباطل فأصابه، كما قال علي كرم الله وجهه.

إن السياسة في جانب منها فن الحفاظ على التوازن أثناء الارتقاء؛ فلا ترتق بما يفقدك توازنك فتقع، ولا تحرص على التوازن بدرجة تفقدك حماسة الارتقاء. ونحن الآن في وضع يقتضي أن نتوازن وأن نضبط النفس لأقصى درجة لأن طالبي الثورة تراجعوا وطالبو الثأر جرونا إلى الاختيار بينهم وبين القوات المسلحة، وكلاهما علينا عزيز لا مجال للمفاضلة بينهما.

أبناؤنا المعتصمون يريدون الاستقرار مثلنا، ولكنهم يريدونه عند نقطة مختلفة من النقطة التي نحن فيها. ورسالتي لهم نحن ذاهبون إليها بتؤدة. من يقود سيارة حديثة قوية في وسط طريق ممهد، ليس كمن يقود حافلة متهالكة مليئة بالبشر وسط رياح عاتية والرؤية منعدمة؛ فالوصول ببطء وبسلامة خير من مخاطر السرعة والندامة.

أرجو من شبابنا المعتصم، أن يعلموا أنني ومعي الكثيرون ندين أي استخدام للعنف من قواتنا الباسلة ضد أي مدني، ولكن في نفس الوقت عليهم أن يتفهموا أن أي عنف (لو حدث) لم يكن ضدهم؛ وإنما ضد ضباط أخطأوا لو صدق كلامهم أو كذب. هي حقيقةً اختيارٌ بين صنوف الشر ودرجاته. لذا فالقبض على الضباط الثائرين، بدا ضرورةً حتى لا ننتهيَ إلى انقلابٍ عسكري يضيعُ فيه كلُ ما حققتموه وضحيتم من أجله.

رحمة الله على موتانا، وشفى الله من أصيب. وقد وصلت رسالتكم واضحة للمجلس العسكري ولمجلس الوزراء بسرعة وجدية فتح الكثير من ملفات الفساد.
الثورة ضد الظلم والطغيان شرف لمن ينتسب إليها، والثأر خطر إن كان ضد آخر عمود في بناء الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق