الأحد، 5 فبراير 2012

كسر الباب المفتوح.. وتفاهمات مكتومةعلى الرئاسة… د. هشام الحمامى

تمثل القوات المسلحة حلقة الوصل بين الوطن والشعب.. فمنذ تأسيس الجيش المصرى وقت محمد على مؤسس مصر الحديثة (1805-1849م) وحتى الآن تشغل المؤسسة العسكرية مساحة كبيرة فى الوعى الوطنى.

كما يمثل التيار الإصلاحى حلقة الوصل بين الوطن والنهضة .. فمنذ أن نادى موقظ الشرق جمال الدين الأفغانى(1838-1897م) بنداءاته الأولى وحتى الآن ارتبطت النهضة تاريخيا واستراتيجيا بالإسلام .. الدين والحضارة .. قبل التيار الإصلاحى كان هناك مشروع النهضة الضخم الذى بدأه محمد على واستبعد فيه الإسلام وبعد التيار الإصلاحى كان هناك مشروع النهضة الذى بدأه الرئيس عبد الناصر واستبعد فيه الإسلام ولأسبابمعروفة انتهى إلى ما انتهى إليه.
الآن بين أيدينا مشروع نهضة جديد يمثل الإسلام فيه القلب والقالب وحلقة الوصل فيه مع الوطن (التيار الاسلامى العريض).. الجديد الآن أن هذا التيار الأصيل حمل المسئولية باختيار شعبى كبير. فحاز الأغلبية فى البرلمان وهو الآن متجه إلى المجالس المحلية والأغلب أن التشكيل الوزارى سيكون ضمن مسئولياته.
على الضفة الأخرى فى نهر التطور هناك الاستحقاق الرئاسى الذى سيشكل مع البرلمان النظام المختلط الذى يتفق الجميع على صلاحيته تقريبا..التيار الإسلامى العريض قرر أن يبتعد عن منصب الرئاسة.. لكن أحد أبنائه قرر التقدم لتحمل مسئوليته.. وجرت تساؤلات كثيرة حول أسباب الابتعاد وعما إذا كان القرار جرى التسرع فى اتخاذه ؟.. وعما إذا كانت هناك إشكاليات داخلية أدت إلى تشكل المشهد كله على صورته الحالية؟ وعما إذا كانت حيثيات القرار ناتجة عن الحسابات القديمة حول إسرائيل والغرب..والتى يشير كثير من الباحثين إلى قصورها وافتقادها لمكونات القرار الصحيح ..على أن بعض الصالحين قالواعن هذا القرار أيضا أنه (عاطل من البصيرة محروم من نفحات الإلهام).
فى الأيام الأخيرة تصاعدت تصريحات من قيادات التيار الإسلامى العريض تشير إلى عدم تأييد أى مرشح إسلامى! لحاجة البلاد الآن إلى رئيس (توافقى).. وكلمة توافقى أصبحت ممجوجة وغير مفهومة فى السياق الحالى .. فما يفهمه الناس أن البلاد تحتاج إلى رئيس وطنى مشهود له بالقدرة والكفاءة.
لم يدر أحد على وجه الدقة لما كانت المسارعة إلى هذه التصريحات فى حين كان قرار الابتعاد فى صمت يكفى .. فغير أن الأمر له خلفيات يتداخل فيها الشخصى بالموضوعى.. يبقى التساؤل عن من يملك حق امتلاك الرؤية النهائية فى تقرير ما تحتاجه البلاد ؟ ولما المصادرة على حقوق الأخرين فى الاجتهاد حول تحديد النافع والضار؟ وفى النهاية قضاء الله أحوط للناس من الآباء والأمهات كما يقول الصالحون.
على أن ما هالنى وحير عقلى هو ما تناقله الإعلام عن تفاهمات مكتومة حول مرشح بعينه .. مع العمل على استبعاد مرشح آخر بعينه يرى فيه كثيرون (رمز لمشروع مقاصدى ثورى يتحرك نحو الأهداف الوطنية الكبرى فى تحقيق الحرية والعدل الاجتماعى والاستقلال السياسى والاقتصادى.. ويؤكد الهوية الحضارية ويتيح للشريعة استدعاء مجتمعيا تدريجيا ويقلل من سلطة الدولة المركزية ولا يضع أى قيد على مؤسسات الدولة المدنية) والكلمات الأخيرة تنسب للمفكر الاستراتيجى العميق د/محمد بريك الباحث فى جامعة ريدينج/لندن. عليكم أن تتذكروا هذا الاسم جيدا خلال السنوات القليلة القادمة ..إذ يرى فيه كثيرون (داود أوغلو) السياسة المصرية القادم.
وحول هذه المعانى كلها أود أن أسجل عدة نقاط:
·        سيحفظ التاريخ للمؤسسة العسكرية ابتعادها الكامل عن هذا الموضوع وسيكون ذلك إضافة عظيمة للرصيد الكبير لها لدى الشعب ..بعد دعم الثورة فى استخلاص الدولة من الأيادى المضيعة للوطن ومصالحه العليا ..وهو ما قصدته تحديدا فى أن جيش مصر العظيم حلقة الوصل بين الوطن والشعب.. رغم أى شىء (وإن يكن الفعل الذى ساء واحدا ** فأفعاله اللائى سررن كثير).
·        التحية التى سيؤديها القائد العام للقوات المسلحة لرئيس الجمهورية القادم هى تحية لاختيار الشعب أولا وآخرا.
·        على الجميع أن يدرك الحالة النفسية للشعب المصرى الأن والتى تحوى طوفانا من الهمم والعزائم طال كبتها وحبسها .. وآن أوان انطلاقها لتحقيق النهوض العظيم للوطن ..الدفع بهذه الهمم والعزائم داخل (ثلاجة ) رئيس توافقى متقدم فى العمر وتفريغها (التدريجى )من محتواها الثورى خطأ تاريخى كبير .فالوطن الآن فى أكثر أوقاته احتياجا إلى رئيس يطلق فى المصريين همما وعزائم مخزونة ومكبوتة من ما يزيد على مائة عام.
·        (كسر الباب المفتوح ) بتفاهمات لا ترقى لمستوى اللحظة التاريخية .. يحمل قدرا كبيرا من (المغالطة والتضليل).
·        كان الأستاذ العقاد رحمه الله يتبنى نظرية التفسير النفسى للتاريخ .. وأرى بعضا مما يدور فى موضوع الرئاسة يتحرك حول هذه النظرية..ولن أزيد فى هذا المعنى أكثر من ذلك -على الأقل الآن- وعلى الإنسان أن يختار بين أخلاقيات الطين وأخلاقيات الروح ومن حرية الاختيار جاء التكليف وكانت الأمانة…والحق طريق واضح لمن طلبه تهديه محجته ولا تخاف عثرته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق