الأحد، 5 فبراير 2012

الدعوة تنفى خبثها … نعم صحيح …. خالد زكريا زكى


الدعوة تنفى خبثها ….
كلمة انتشرت كثيرا فى هذه الأيام , وقيلت على كثير من الإخوان ممن تركوا التنظيم - وليس الدعوة - والبون شاسع بين الأثنين .
وبعد طول بحث وتدقيق ومعرفة مصدر هذه العبارة ومن قالها ومتى قابلها ولإى مناسبة قيلت , لم أصل لجواب كافٍ شافٍ لما بحثت عنه … لم أصل لشئ .

وبعد تفكير فى العبارة وتدقيق فى ألفاظها وجدتها صحيحة كل الصحة وليس فيها من الخطأ شئ , بل ومن كتبها أو قالها أو أعلنها أول مرة قصد جيداً المعنى الذى كان يريده هو … ولكننا من أسأنا التفسير .
قائل العبارة - أين كان هو - قال (( الدعوة تنفى خبثها )) ولم يقل ((التنظيم ينفى خبثه)) .

قد يقول البعض هذا تلاعب بالألفاظ والعبارة تستخدم دائما فى حالات من يتركون تنظيم الإخوان , وُتقال فى حقهم هذه الكلمة , قد يقول البعض هذا تفسير لتحسين الكلام أو قل تفسير من باب حسن الظن رغم أن الكلام لا يحتمل إلا سوء الظن -هذا رأى البعض- , وقد يقول البعض هذا دفاع عن أخطاء لا يريد الإخوان الاعتراف بأنها خطأ , وأن الإخوان لا يعترفون أبداً بأخطائهم .

فأقول … معكم حق فى هذا … إن العبارة تفهم دارِجة ً هكذا كما تقولون ,لكن لو فكرنا فى نص العبارة سنجد أنها تختلف كثيرا, وفرق كبير جدا بين دعوة الإخوان وتنظيم الإخوان … فريق شاسع بائن بين الدعوة والتنظيم من الناحية الأكاديمية - حتى - فالتنظيم له عدة تعريفات موجودة بكثرة فى كتب الإدارة والتنظيم , ولكننا نأخذ تعريفها مشابهاً لحالنا , أو تنظيما مشابها نوعا ما لتنظيم الإخوان , إن كان لا ينتمى لنفس المدرسة .

فمثلا تعريف حركة فتح للتنظيم على أنه ((التنظيم جماعة من الأفراد لديهم أهداف واحدة و أفكار مشتركة ، وتحكمهم قواعد متفق عليها ، ويقومون بعمل مشترك لتحقيق هذه الأهداف ، ويضمهم هيكل تنظيمي )) … فالتنظيم عبارة سلسة من حلقتين أولها وأساسها أفكار ما , وثانيها تجمع بشرى يضع هذه الأفراد فى إطار ما .وبالتالى فالتنظيم تجمع بشرى لتحقيق فكرة ما قابل للخطأ والصواب والنسيان والتقصير وغياب الصورة الكاملة لأنه ببساطة بشرى وكلمة البشر توحى بعدم الكمال .

أما الأفكار فى تنظيم الإخوان - الحلقة الثانية - فهى دعوة الإخوان المسلمين الوسطية , والتى تستمد مقومتها من معين القرآن المحفوظ من الخطأ والتحريف , وإناء السنة الصحيحة بحسن تفسيرها ومعرفة مقاصدها لا الأخذ بظاهرها والسلام , ويزيدها جمالاً أكثر فهم السلف الصالح روضوان الله عليهم … فالإخوان يدعون بدعوة الإسلام ويقدمون للإسلام تصورا يعتقدون أنه الأقرب للصواب والأرضى لرب العباد .

فدعوة الإخوان هى مجرد تصور وتفسير لدعوة الإسلام فى مجملها , والتى صدح بها الصحابى الجليل (( ربعىّ ابن عامر )) فى وجه (رستم) قائلا له { لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة)) .

ثم يأتى تصور الإخوان لهذا الكلام بإنزاله على أرض الواقع فى تصور يقوم على أساس شمولية الإسلام , فالإسلام فى تصور الإخوان هو {الإسلام نظام شامل، يتناول مظاهر الحياة جميعا. فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة،وهو خلق وقوة أو رحمة وعدالة،وهو ثقافة وقانون أو علم وقضاء،وهو مادة وثروة أو كسب وغنى،وهو جهاد ودعوة أو جيش وفكرة،كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة، سواء بسواء } ثم أقاموا تنظيم بشري له لوائحه وقوانينه وأسسه وترتيبه وتدرجه , لإسقاط هذا التصور على أرض الواقع , وللعمل على تحقيقه , وبما أنه بشرى فقد يصيبه ما يصيب البشر جميعهم .

ومن هذا يتضح وبشدة أنه من يستبدل هذه الدعوة بعظمتها وشمولها وعبقريتها , دعوة أخرى تخالفها على طول الخط فى الجوهر والمضمون والمكنون , فهو فعلا خبث بل وأكثر من خبث , من يترك دعوة وسطية تضع للإسلام وجها حضاريا لا وجها بدويا أو وجها قديما غابرا … فهو خبث .
من يستبدل بهذه الدعوة نظريات بشرية قاصرة ,من تخيلات البشر , وتخالف جوهر الإسلام الصافى , ويترك هذا المعين العظيم من الكتاب والسنة … فهو فعلا خبث .
من يستبدل بهذه القوة الجبارة والتراث الضخم , أخرى خائرة لم يمر عليها إلا فتات الزمن … فهو فعلا خبث .

أما من يترك التنظيم ويظل محتفظاً بالفكرة تملئ قلبه وعقله وفكره ووجدانه وحياته , بل والأدهى من ذلك يعمل على نشرها , ويدافع عنها دفاع المستميت فى وقت الأزمات والفتن , ويقول الحق عنها أينما طُلب منه ذلك , أو استدعى الأمر هذا… فهو والله ما بخبث .أما من يترك التنظيم لحرصه على هذه الدعوة , ويرى أن ربانها وملاحيها لا يسيرون بها فى الطريق الصحيح …فهو ليس بخبث .
أما من يترك التنظيم لظنه انه بخارجه أكثر عطاءً وإفادةً للفكرة … فهو ليس بخبث .
وأظن أن أغلب من ترك التنظيم هم من هذا النوع وهذا الضرب … فهو ليسوا خبثا أبدا …. بل هم زاد للدعوة ورافد جديد لها …
وقد يأتى اليوم - ربما - ونقول أنهم فعلوا خيرا كثيرا بخروجهم هذا

فنعم الدعوة تنفى خبثها , ولكن ليس شرطاً أن ينفى التنظيم خبثه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق