حوار الأستاذ : محمد الزرقاني
قال: اؤكد ان مصر بعد ٥٢ يناير لن تعود للخلف علي الاطلاق.. فعندما ينزل ما يقرب من ٨١ مليون مصري إلي الشارع، ويطالبون
باسقاط النظام، وينجح الشعب بفضل الله في إسقاط النظام، فإن ذلك يعني أن الشعب أراد بالفعل نظاما جديدا بدلا من النظام الفاسد، نظاما ديمقراطيا أمينا علي ثروة مصر، ويحمي هذه الثروة ويعيد توزيعها علي الشعب بعدالة.. ولذلك فأنا متفائل بما يتم الآن في هذه المرحلة الانتقالية، حيث تم اسقاط نظام مستبدكتم علي أنفاسنا ٠٣ عاما، ليأتي نظام جديد متطور بأفكاره وتوجهاته، ويختاره الشعب بطريقته وكما يريده، وتم اسقاط دسور كان يتصف بالاستبداد والانحراف، لنأتي بدستور يمثل الشعب المصري ويضمن حرياته، ويعبر عن قيمه ومبادئه.. ولكن أي دولة حين تمر بمثل هذه المرحلة الانتقالية، لابد أن تحدث تقلبات، لأن هناك »ناس« من أصحاب الخبرات القديمة في الفساد، لن يستسلموا بسهولة، وهناك »ناس« في الاجهزة المختلفة كل الاجهزة بلا استثناء كانوا مرتبطين بالنظام السابق، ومصالحهم الحرام التي لم يكن لهم حق فيها أضيرت، وهؤلاء لابد أن يضعوا العراقيل أمام الثورة والمستقبل، ولكن الشعب لن يمكنهم من ذلك.. ومثال علي ذلك ما حدث في صول وفي إمبابة وفي مسجد النور.
تحديات ثلاثة
< وهل تري هناك تحديات تواجهها مصر في هذه المرحلة الانتقالية؟هناك بالفعل ثلاثة تحديات خطيرة تواجهها مصر، ويجب علي كل الوطنيين المخلصين أن يعملوا علي تجاوزها.. والتحدي الأول والأهم، هو الانهيار الاقتصادي، والحمد لله بدأت عجلة الإنتاج في الدوران من جديد، لانقاذ الوطن، وهذا التحدي لابد من مواجهته بالمزيد من الإنتاج في الزراعة والصناعة، وبمنع المظاهرات الفئوية، وصحيح أن الناس لها حقوق، إلا أننا نمر بمرحلة انتقالية، وعلينا أن نتحمل من أجل انقاذ تورثنا، والحقيقة أننا عندما طلبنا ذلك، فقد استجاب الكثيرون.
أما التحدي الثاني، فهو الانهيار أو الانفلات الأمني، وقد بدأ ذلك يعالج بعودة الشرطة.. ولكنني أريد أن أوجه كلامي لضباط الشرطة، فليس هناك دولة بدون أمن، والشرطة كجهاز أمني يعتز بها الشعب ويحترمها، وثورته كانت ضد الجزء القمعي بالشرطة، وهو جهاز أمن الدولة، والشعب مُصّر علي ألا يعود هذا الجهاز تحت أي مسمي، وألا يعود نفس الأفراد بهذا الجهاز بنفس السياسات ونفس العقلية.. وبالتالي فعلي جهاز الشرطة أن يمارس دوره بكل وطنية وبكل طاقته، وهذا واجبه، لأن هناك من يشعر أن الشرطة إذا كانت قد عادت، فإنها مازالت »واقفة تتفرج علي الانفلات الأمني وعلي سطوة البلطجة والبلطجية، ولكن أنا بصفة شخصية لا أظن ذلك، فجهاز الشرطة جهاز وطني، وسوف يعود لممارسة دوره بكل قوة وبكل حزم واخلاص، لأن ذلك هو دوره الحقيقي، أن يحافظ علي أمن وطنه وأهله وناسه.
والتحدي الثالث، هو تحدي الفتنة الطائفية، فهناك من يسعي بكل قوته لكي يصور أن مصر تموج بصراع طائفي حاد، وهذا غير صحيح، بدليل أن ٨١ مليونا من المصريين المسلمين والمسيحيين، كانوا في الشارع منذ يوم ٥٢ يناير وحتي ١١ فبراير، في ظل غياب كامل للأمن، ولم يحدث أي عدوان علي كنيسة أو مسجد، ولم يحدث أي عدوان علي مسلم أو مسيحي.. إذن ما حدث في صول أو في إمبابة، هو شيء مصنوع لاعاقة مسيرة الحريات والديمقراطية، وعلاجه يكون بتحدي الفتنة، ويكون ذلك بضرورة أن تأخذ العدالة مجراها، وليس بمجرد »التبويس«، بين القساوسة والشيوخ.. ومن يخطيء لابد أن يقدم للعدالة، مهما كان مقامه كبيرا أو صغيرا، وحتي لو ان شيخ الازهر اخطأ فلابد أن يقدم للمحاكمة ولو أن البابا شنودة أخطأ يقدم للعدالة، فلا أحد يجب أن يكون كبيرا علي العدالة.. ولابد أن تكون القيادات الروحية بعيدة عن الزعامات السياسية، سواء كانت هذه القيادة الروحية ممثلة في شيخ الأزهر، أو ممثلة في قادة الكنيسة المصرية، وهي كنيسة وطنية طوال تاريخها، واعتقد أن كلا من القيادتين يوافق علي ذلك. وتهدف دعوتي تلك، حتي لا يختلط العمل الدعوي بالعمل الحزبي، وهذا ما طالبت به حتي في حق الإخوان المسلمين، أن ينفصل العمل الدعوي بالنسبة لها عن العمل الحزبي، وكل يمارس دوره بعيدا عن الآخر، ولو نجحنا في ذلك بإذن الله فلن تنجح الثورة المضادة في مصر أبدا إن شاء الله.
الترشح للرئاسة
< هيا بنا إلي موضوعنا الاساسي، فالكثيرون يتحدثون عن ترشيحك لرئاسة الجمهورية.. فهل اتخذت قرارك في هذا الشأن؟يمكن أن أقول انه من الناحية المبدئية، قد قررت أن ارشح نفسي بالفعل لانتخابات رئاسة الجمهورية، ولكن القرار النهائي سيكون عندما يصدر قانون الانتخابات الرئاسية ونري كيف سيكون شكله، وكيف سيكون النظام السياسي في مصر، هل سيكون برلمانيا أم رئاسيا أم برلمانيا رئاسيا.. وأنا علي المستوي الشخصي، أتمني أن يكون نظامنا رئاسيا برلمانيا، لأن النظام الرئاسي جربناه وصنع »فراعين«، فلا تريده مرة أخري، والنظام البرلماني لا يصلح لنا في مصر، لانه يخشي أن يستقل أي حزب من الأحزاب بإدارة البلد، أما في النظام الرئاسي البرلماني فإنه يحدث قدر من التوازن الذي لا يجعلنا نقع في حبال الفرعون، ولا نقع في حبال حزب من الأحزاب أيا كان اتجاهه.. وأتمني أن يكون نظامنا السياسي شبيها بالنظام الفرنسي البرلماني الرئاسي، وليس النظام البريطاني البرلماني، ولا الأمريكي الرئاسي.
< وهل يعني ذلك أنك مازلت مترددا، خاصة أن هناك من أعلن ترشحه بالفعل؟
قد أكون بالفعل مازلت مترددا، ولكنني أتعامل منذ الآن علي أنني مرشح للرئاسة، وبعد الانتخابات البرلمانية سوف يكون القرار نهائيا، وأتقدم بأوراق ترشيحي وأصبح مرشحا حقيقيا. أما إلي الآن فمازلت أنا وغيري مثل الدكتور محمد البرادعي أو عمرو موسي، فلكنا مازلنا مرشحين افتراضيين.
دعم الإخوان
< هل يرجع ترددك إلي عدم دعم جماعة »الإخوان المسلمين«، لك إذا ترشحت للرئاسة، وذلك بحسب ما أكده المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام؟هذا ليس صحيحا، ولم يكن ما قيل مجرد تصريح للمهندس خيرت الشاطر، ولكنه قرار اتخذته جماعة »الإخوان المسلمين«، وشاركت أنا في اتخاذه، وهو أن الإخوان المسلمين ليس لهم مرشح للرئاسة.. وقد ناديت مثلما قلت بفصل العمل الدعوي عن العمل الحزبي، وكان ذلك منذ أربع سنوات..
والحمد لله فقد تحقق الآن ما ناديت به، وأصبح هناك حزب منفصل عن الجماعة، وبالتالي فإن العمل السياسي والمنافسة علي السلطة السياسية سواء علي رئاسة الجمهورية أو البرلمان سيمارسه حزب »الحرية والعدالة«، والنشاط الدعوي ستمارسه الجماعة، أي أن الجماعة الآن لا علاقة لها بترشيح أي مرشح سواء للرئاسة أو البرلمان، ولن يكون لها علاقة بالحكومة، أو بالأداء الإداري للدولة، وإنما يمكن أن تقول رأيها في القضايا العامة وذلك من خلال المرجعية التي تعمل بها، وهذا هو واجبها فقط.. أما الحزب الحرية والعدالة فهو أو غيره من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية مثل حزب النهضة أو حزب الوسط فهو الذي يمارس السياسة، ويعلن أن له مرشحا أو ليس له مرشح.
< ولكن معني ترشحك بالرغم مما قلته، أنك واثق أن »الإخوان المسلمين« سوف يعطونك أصواتهم.
لست واثقا من ذلك.
< من الصعب أن تخوض الانتخابات وأنت لست واثقا من دعم »الإخوان المسلمين« لك، علي الأقل كأفراد!.
أقول بكل وضوح أنني لست مرشحا للإخوان المسلمين ولا أي حزب من الأحزاب، وقد قلت من البداية انني إذا قررت أن أترشح فسوف أكون مستقلا ومرشحا لمصر كلها، أما أن يعطيني أفراد الإخوان المسلمين أصواتهم، أو السلفيون أو الاخوة المسيحيون أو الليبراليون، فأنا اتمني أن أحوز علي أصوات الجميع، وأنا مصر علي أن أكون مرشحا لمصر واتمني الحصول علي اجماع الأصوات، ليس بمعني »٠٠١٪«، لأنه لن يحرز أي مرشح هذه النسبة، ولكن ما يهمني هو ثقة الناس من جميع الاتجاهات، وحتي إذا لم أنجح فسوف يكفيني أن أحصل علي أصوات من جميع الأطياف والاتجاهات السياسية.
الإسلام الوسطي
< قرأت آراء عديدة تؤكد أن الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح يتمتع بكل الصفات التي تؤهله ليصبح رئيسا للجمهورية، ولكن انتماءه لجماعة الإخوان، سوف يقف عائقا أمامه.أنا لا أتصور أن ذلك سوف يكون عائقا، وأؤكد ثانية انني سوف أكون مرشحا مستقلا، واعني بمستقل أنني لن أمثل الإخوان في هذا الشأن مطلقا.
< ولكن إذا أصبحت رئيسا للجمهورية، فأين سيكون موقع »الإخوان المسلمين« داخل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح؟
الإخوان المسلمون هم أصحاب فكرة، وأصحاب فكر يمثل الإسلام الوسطي المعتدل والمتسامح.. والإنسان لا يمكن أن يتخلي عن فكرته أو عن فكره، وإلا يصبح مخادعا لناسه وأهله.. أما كإدارة فستكون جماعة »الإخوان المسلمين«، مثل الجمعيات أو الجهات الدعوية الأخري، ويستوي في ذلك الإخوان المسلمون، مع الجمعية الشرعية، مع الجمعيات الصوفية، مع الاخوة السلفيين، مع الجماعة الإسلامية، وهذه كلها جماعات لها كل الاحترام والتقدير، ويمكنها أن تقوم بالعمل الدعوي أو الاجتماعي أو التربوي بين أفراد الشعب المصري، دون أن يكون لها تدخل في المسائل الحزبية، أما من يريد أن يعمل بالسياسة أو يتدخل في الحياة الحزبية، فليعمل له حزبا.
< ولكن كيف ينشيء الإخوان المسلمون حزبا ولا يكون تابعا لهم؟
هو ليس حزبا للإخوان المسلمين.
< فلنقل تابعا للإخوان المسلمين.
ولا تابع للإخوان المسلمين!
< إذن ماذا نقول عنه؟
إنه حزب مستقل عن الإخوان المسلمين، وصحيح أنهم ساعدوه علي القيام، ولكنه سيكون مستقلا تماما عنهم فهو مفتوح لكل المصريين.. ولن يكون تحت قيادة الإخوان أو تابعا لهم، وستكون علاقتهم به مثل علاقتهم بحزب النهضة أو حزب الوسط، أو أي حزب آخر يكون قريبا في أفكاره منهم.. واؤكد أن الإخوان لن يديروا حزب »الحرية والعدالة« وقد اعترضت علي تعيين رئيس الحزب أو نائبه أو الأمين العام للحزب من قبل الإخوان، لأن ذلك كان بمثابة خطأ، وان كان هناك مبرر لهم، أن هذه كانت البداية لمساعدة الحزب، ولكن بعد ذلك سوف تنتخب مؤسسات الحزب رئيسها وكل هيئة الحزب، ويصبح ما يجري حاليا مجرد مرحلة انتقالية.
أنا والإخوان
< وإذا أصبحت رئيسا للجمهورية، هل ستظل منتميا للإخوان؟طبعا، سأظل منتميا للجماعة كفكرة وكمدرسة.
< ولكن هل يمكن أن يصبح المرشد العام للإخوان أيا كان في هذه الحالة رئيسا لرئيس الجمهورية؟
لن يكون ذلك.. وأنا كطبيب، ونقيب الأطباء بمثابة رئيس لي، وإذا أصبحت رئيسا للجمهورية فسأظل عضوا بنقابة الأطباء، ولن يكون نقيب الأطباء رئيسا لي إلا في النقابة فقط.
< قلت إنك سوف تترشح مستقلا، فماذا لو أصبحت مصر دولة برلمانية؟
أنا اؤيد النظام الرئاسي البرلماني، وفي هذا النظام يكون رئيس الجمهورية مستقلا عن الأحزاب، ومصر بطبيعتها وطبيعة شعبها تحب أن يكون من يرأسها رمزا لها، ولا يكون تابعا لأي حزب من الأحزاب دون الأحزاب الأخري، وأنا أتماشي مع الطبيعة المصرية، وهذا سبب حرصي علي الاستقلال في كل شيء.. أما لو أصبحت مصر دولة برلمانية كما تقول فإنني لن أترشح لمنصب الرئاسة حينئذ.
أنا والمسيحيون
< وكيف تري موقف الاخوة المسيحيين منك؟.. وهل تثق أن ما تقوله بأنك ستكون مرشح جميع المصريين يمكن أن يقنعهم؟.. أم أن انتماءك للإخوان المسلمين سوف يؤثر علي أصواتهم؟أنا أتصور أن علاقتي ظلت علي مدي ٠٤ عاما مليئة بالثقة، منذ أن كنت طالبا بكلية الطب، أو رئيسا لاتحاد طلاب الجامعة، أو أمينا عاما لنقابة الأطباء ثم اتحاد الأطباء العرب.. وكانت دائما علاقتي بالمسيحيين كمواطنين أو كنيسة مبنية علي أسس أخلاقية متينة جدا.. واعتقد أن المسيحيين لا يتشككون أبدا في أن د.عبدالمنعم أبوالفتوح مصري من أقرب الناس إليهم، وأنا لا أقول هذا الكلام من باب الشعارات، ولو نظمت »أخبار اليوم« استطلاع رأي لتأكدت أنني سوف أنال أصوات مسيحيين عديدين.
< هناك في مصر الآن العديد من الفصائل الإسلامية، وبعضها علي خلاف، فهل يمكن أن يؤدي ذلك إلي صراع بينها؟.. وهل تري أنها لابد أن تتفق؟
الفصائل الإسلامية الموجودة ليست في حاجة لاتحاد أو اتفاق، ومادامت »سلمية« فهذا شيء إيجابي، ولا يجب أن ننزعج من التعددية، ونحن في سبيلنا لنظام ديمقراطي وأهم دعائم الديمقراطية هو التعددية وهي من صفات الإسلام، ومن حق كل فصيل إسلامي أن تكون له رؤية الإخوان لهم رؤيتهم، والصوفية لهم رؤيتهم، والسلفيون لهم رؤيتهم، والجمعية الشرعية لها رؤيتها.. والمهم أن يكون أداؤهم جميعا سلميا يلتزم بالموضوعية والديمقراطية وأدب الحوار.
صفات الرئيس
< لو لم تترشح للرئاسة، ما هي الصفات التي تريدها في رئيس الجمهورية القادم؟أتمني أن يكون رئيس مصر القادم ودائما في الفترات القادمة متميزا بأمرين، أن يكون رئيسا وطنيا، بمعني أن يكون قراره من أجل مصر، ولمصلحة مصر فقط.. وأن يكون رئيسا متصالحا مع الدين، وليس ضد الدين في سلوكه وفي أفكاره، لأن الشعب المصري بمسلميه ومسيحيه شعب مؤمن وعلاقته بالدين قوية.
< وحينما تترشح للرئاسة، ماذا سيكون برنامجك الذي تتقدم به إلي الشعب المصري؟
لدي أربع قضايا مهمة تشغلني.. أهمها أن نعيد لمصر قدرها، وأن نهتم بالتعليم والبحث العلمي فيها، ويكون ذلك بتخصيص جزء كبير من الميزانية لهما، لأننا لن نتقدم إلا بالتعليم والبحث العلمي.. والثانيةتعميق الحريات بكل مفهومها الواسع، من حرية الاعتقاد وحرية التنظيم وحرية العمل.. وثالثا تعميق قيمة العدل باستقلال تام للقضاء، وايجاد »كادر« خاص للقضاة، يغليهم عن الحاجة، لانه لا قضاء عادل بدون استقلال وكفاية للقضاة بما يكفل لهم »عيشة كريمة«، وحينما يتحقق العدل، فسوف يتحقق الاستقرار.. والقضية الرابعة أن نقود نهضة تنموية في مصر علي المستوي الزراعي والصناعي والفكري، والمصريون لديهم ثروة عظيمة، وهي الثروة البشرية التي تستطيع أن تقيم وتقود هذه النهضة المرجوة.
الدكتورة يسرا
< عندما كنت معتقلا وتعرضت لأزمة صحية ونقلت إلي قصر العيني، كنت تسير في فترات التريض مع طبيبة شابة.. من هي؟.. وماذا كنتما تقولان؟انها ابنتي الدكتورة يسرا، وهي طبيبة قلب ومعيدة في كلية الطب، وقد صمدت معي صمود الابطال اثناء فترة الاعتقال والمرض، وقد كنت في حاجة خلال هذه الفترة لان يكون بجواري طبيب متخصص، وكان من الصعب ان يتوافر لي ذلك، لولا وجود ابنتي التي عاشت معي ليلا ونهارا، وقد عشت داخل المعتقل حتي وانا في المستشفي، وكان يحرسني ٩ حراس بقيادة ضابط كبير.. وعندما كنت اسير معها في فترة التريض، كنا نتحدث احيانا عن الاسرة واحيانا عن الوطن، وكانت احلامنا تتلاقي نحو وطن يستحق ان يكون عظيما اسمه مصر.. وكنا نضحك من الحراسة المشددة بقيادة عميد، فهل كان يليق بابناء جهاز الشرطة ان يكون هذا واجبهم، حراسة رجل مريض.. وكنا نري ان هذه حالة غير مصرية، وكان عوضنا عن هذه الحالة تلك العاطفة الجياشة التي كنت اراها في المستشفي من الاطباء وافراد التمريض والمرضي.
< وهل ورثت الدكتورة يسرا جينات الثورة من الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح؟
- طبعا، وهي من اكثر اولادي ثورية.. وعلي فكرة لدي غيرها ابنتان طبيبتان ايضا، وثلاثة ابناء تخرجوا جميعا في الجامعة.
< وألا تخشي عليها من ثوريتها؟
لم اخش عليها ابدا، وبالعكس فانني افخر واعتز بها، وافخر بكل اولادي لانهم شاركوا في الثورة المصرية.
السيدة الأولي
< وماذا عن الزوجة؟.. وهل تعمل؟زوجتي الدكتورة علياء استشارية نساء وتوليد، ومازالت تعمل حتي الان.
< ولو أصبحت رئيسا للجمهورية، هل يمكن ان تسعي الدكتورة علياء لان تصبح السيدة الأولي؟
علي الاطلاق، ولن تكون كذلك ابدا، لان الدكتورة علياء منذ ان تزوجتها بعد تخرجي في كلية الطب، وهي عازفة تماما عن العمل العام والعمل السياسي وتري ان لها دورين اساسيين، بيتها شاملا زوجها واولادها، ومهنتها كاستشارية نساء وتوليد، ولا تعمل في اي شيء غير ذلك اطلاقا حتي انها لم تنتم للحركة الاسلامية، بالرغم من تدينها، ولذلك فهي ترفض الاعلام والصحافة ولا تظهر في اي برامج ولا تجري لقاءات صحفية، وكثيرون طلبوا منها حوارات وانا في المعتقل ورفضت.. وسوف ابقي دائما في خدمة مصر كخفير أو رئيس، وستظل الدكتورة علياء تؤدي ايضا دورها المهني ودورها في البيت فقط.
الرؤساء الثلاثة
< عشت عصور رؤساء ثلاثة.. كيف تراهم؟جمال عبدالناصر عمل نقلة اجتماعية، ولكنه ختم حياته بنكسة ضخمة وهو مسئول عنها الي حد كبير.. وأنور السادات، بالرغم من انه كان اكثر منحا للحريات خلال فترة حكمه ولعل ذلك لانه الوحيد الذي تعرض للسجن والاعتقال في قضية مقتل أمين عثمان لكل الاتجاهات السياسية، إلا ان عصره شهد بداية فساد.. اما حسني مبارك فقد جمع بين الفساد والاستبداد وتصادم مع الجميع، وترك البلد لمن خربه.
< وماذا عن وقفتك الشهيرة وأنت طالب أمام السادات، وألم تخف وقتها؟
لم اخف علي الاطلاق، حتي انه عندما انفعل وقال لي »قف مكانك«، قلتله: »أنا واقف مكاني«، وكان يقصد الزم حدودك.. وأنا لم اتجاور معه، فقد قلت له »اللي حواليك بينافقوك« ولم اقل انه يقبل النفاق، ولكن لو كان احد غيره لكنت قد تعرضت لعقاب شديد، وكان اكثر ما فعله انه منعني من العمل كمعيد بالغاء تعييني، بأن اوقف التعيين للجميع تماما، حتي انني تعهدت لزملائي بعد ذلك ألا اتقدم لاي وظيفة جامعية حتي لا اضرهم.
والحقيقة انني لم اخف وقتها، لانه لا يوجد ما اخاف عليه سوي وطني، وتربيت في اسرتي علي ألا اخاف سوي من الله عز وجل.. ومن يقف ضد اي نظام غير ديمقراطي مستبد ولا يحترم حقوق الانسان، فعليه ان يؤمن بأنه سوف يلقي الله شهيدا.
< وماذا لو وقف شاب بعد ذلك أمام الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح رئيس الجمهورية؟
سوف اقبل رأسه، وسوف يكون هذا موقفي من اي شاب يتقدم بالنصيحة، حتي أعلم شباب مصر الرجولة والشجاعة، وان مصر ملك لهم، ونحن نخدمهم، ولا نهيمن عليهم، أو سلاطين عليهم ننهب بلادهم وأموالهم.
< وأخيرا، كلمة أخيرة تريد ان تقولها للمصريين.
أقول للشباب ولكل المصريين، استمروا في حرصكم علي ضرورة نجاح الثورة.. لاننا مازلنا في البداية، ولن تنجح الا بالاستقرار، واجراء الانتخابات البرلمانية وتشكيل حكومة تعبر عن مصر، وكذلك انتخاب رئيس يعبر عن مصر.. وعلينا ان نحرص ازاء من يريدون هدم مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق