الاثنين، 16 مايو 2011

وأقيموا الشهادة لله ….. بقلم: الشيخ شبل عسكر


إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستهديه، إنه مَن يهد الله فهو المهتدي ومَن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، أما بعد:

إن من أبرز مقاصد دين الإسلام إقامة العدل وتأسيسه، ومنع الظلم بشتى صوره وأشكاله، فالقسط والعدل هو غاية الرسالة المحمدية، بل هو غاية الرسالات كلها.. ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (الحديد: من الآية 25)، عدلٌ ينظم ميادين الحياة كلها، ويعم حقوق الخالق والمخلوق جميعها، ويشمل الأفعال والأقوال والتصرفات بشتى أشكالها.. عدلٌ في كل ميدان، وقسطٌ مع كل إنسان يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ﴾ (النحل: من الآية 90)، وإن من أبرز أسباب إقامة العدل وأظهر ركائز القسط القيام بالشهادة، ومعرفة أهميتها ودورها في المجتمع، ومراعاة حقها والواجب نحوها، إذ هي معيارٌ لتميز الحق من الباطل، وحاجزٌ يفصل الدعاوى الصادقة من الكاذبة، حتى قال بعضهم: "الشهادة بمنزلة الروح للحقوق، فالله أحيا النفوس بالأرواح الطاهرة، وأحيا الحقوق بالشهادة الصادقة".

 والشهادة ضروريةٌ لقيام الحياة الاجتماعية، وما يخالطها من أحداث وما يصحبها من وقائع، وما يقع فيها من معاملات مادية وتصرفات إرادية وعلاقات عائلية. قال شريح القاضي- رحمه الله-: "الحكم داءٌ والشهادة شفاءٌ، فأفرغ الشفاء على الداء". حكم الشهادة: إن توفية الشهادة حقها فرضٌ لازمٌ وواجبٌ محتمٌ، يقول- جل وعلا-: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ (الطلاق: من الآية 2)، وإن القائمين بشهاداتهم في عداد أهل البر والإحسان، ومن زمرة أهل الفضل والإيمان، يقول- جل وعلا- في وصف عباده المكرمين: ﴿الَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33)﴾ (المعارج).

 والشهادة في الحق ولو على النفس أو أقرب قريب، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)﴾ (النساء)، وإقامة الشهادة تشمل تحملها على إنشاء العقود والتصرفات، وأداءها أمام القضاء والقضاة، قال أهل العلم: "ومن دعي إلى الشهادة على عقد أو تصرف من حقوق العباد ولم يوجد غيره يقوم مقامه، وجب عليه تحمل الشهادة إذًا، وإلا فهو مندوبٌ ومرغبٌ فيه، وفي حق الجميع حينئذٍ فرض كفاية، هذا بعض ما قرروه بالتحمل.

 وأما الأداء فقال أهل العلم: وأداء الشهادة فرضٌ على الكفاية، إذا قام بها العدد الكافي سقط الإثم عن الجماعة، وإن امتنع الجميع أثموا، وإذا لم يكن هناك غير ذلك العدد من الشهود الذين يحصل بهم الحكم، وخيف ضياع حق العبد، وجبت على الإنسان حينئذٍ وجوبًا عينيًّا، يقول- جل وعلا- في جميع ما تقدم: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ (البقرة: من الآية 282)، ولئن كان الأمر هكذا بالنسبة للتحمل والأداء، فإن ضده وهو الكتمان، أمرٌ مذمومٌ شرعًا ومبغضٌ طبعًا، يقول- جل وعلا: ﴿وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: من الآية 283)، قال بعض أهل العلم: ما توعد الله على شيء كتوعده على كتمان الشهادة؛ حيث قال: ﴿فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾ فكتمان الشهادة جرمٌ عظيمٌ وإثمٌ كبيرٌ، يقول- جل وعلا- حكايةً عن شهود الوصية: ﴿وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنْ الآثِمِينَ﴾ (المائدة: من الآية 106).

 إن شهادة الزور من أكبر الكبائر وأعظم الذنوب يقول- جل وعلا-: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ (الحج: من الآية30)، وروى الترمذي وغيره أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قام خطيبًا فقال: "أيها الناس، عدلت شهادة الزور إشراكًا بالله، ثم قرأ: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ (الحج: من الآية30)"، وفي الصحيحين أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثًا" قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "الإشراك بالله، وعقوق الوالدين" وجلس وكان متكئًا، فقال: "ألا وقول الزور" قال: فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. وفي الحديث عنه- صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لن تزول قدم شاهد الزور حتى يوجب الله له النار" أخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.

وشهادة الزور واضحة الأضرار سيئة الآثار، ولا غرو ولا عجب، فهي تحول الشهادة عن وظيفتها إلى ضدها، فتكون سندًا للباطل بدل الحق، وعونًا للجور مكان العدل، وسببًا لطمس معالم الإنصاف وطريقًا لفساد الأحكام، وسبيلاً لتقويض الأمن وهدم الأمان ومن الناس من تتعين عليه الشهادة إظهارًا للحق وإحقاقًا له، ودحرًا للباطل ودفعًا له، فيتنصل من هذه المسئولية العظيمة ويتهرب منها، ويكتم الحق ولا يجرؤ على إظهاره، وبهذا الكتمان ضاعت حقوقٌ كثيرةٌ، وتمادى أناسٌ لا يخافون الله وتجرؤوا على عباد الله.

 ضوابط الشهادة

أيها الأحباب الكرام: إن الشهادة الحقة المعترف بها لا بد أن تتوافر فيها هذه الشروط:
  • أن تكون الشهادة مبنيةً على علم وبيان، وأن تنشأ عن ثقة واطمئنان، قال- تعالى-: ﴿إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (الزخرف: من الآية 86)، وقال- عز وجل- حكايةً عن إخوة يوسف: ﴿وَمَا شَهِدْنَا إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا﴾ (يوسف: من الآية 81)، قال أهل العلم: والأصل أن تكون الشهادة عن مشاهدة وعيان، وأن يكون مستندها أقوى أسباب العلم، فما من شأنه أن يعاينه الشاهد، كالقتل والسرقة والغصب، والرضاع والزنا ونحو ذلك، فلا يصح أن يشهد به إلا بالمعاينة والمشاهدة البصرية له. وما من شأنه أن يسمع، فلا يصح للشاهد أن يشهد به إلا بالسماع والمعاينة لقائله، كعقود النكاح والبيوع، والإيجارات والطلاق ونحوها.

 ومن تلك المنطلقات الآنفة: فإن شهادة الإنسان على ما لا يعلمه أو شهادته بخلاف ما يعلمه، جريمةٌ عظمى وطامةٌ كبرى، وكيف لا تكون كذلك، وهي حقيقة شهادة الزور، الشهادة الكاذبة، التي ليس لها أساسٌ من الصحة أيًّا كانت دوافعها ومهما كانت تبريراتها؟! قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله-: وضابط الزور: وصف الشيء على خلاف ما هو به. وقد يضاف إلى القول فيشمل الكذب والباطل، وقد يضاف إلى الشهادة فتختص به. وقال بعضهم: الزور هو الكذب الذي قد سوي وحسن في الظاهر ليحسب أنه صدقٌ، وإن مما يؤسف له أن بعض الناس اليوم مع الشهادة صار يتهاون بالشهادة ويتلاعب بها، فيشهد بالظن المجرد أو بما لا يعلم، أو بما يعلم أن الواقع خلافه.
  •  قال الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ (الطلاق: من الآية 2)، أي: لا تحابوا فيها قريبًا من أجل قرابته، ولا صديقًا من أجل صداقته، ولا غنيًا من أجل غناه، ولا فقيرًا من أجل فقره، ولا تقيموها على بعيد من أجل بعده، ولا على عدو من أجل عداوته، ولا تتركوها على رئيس لأجل رئاسته، أو مدير خوف سلطته ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)﴾ (النساء)، ثم إن الانتخاب يعد شهادة للمرشح بالصلاحية.
  •  ومن ثَمَّ يجب أن يتوفر في الإنسان الذي يترشح، والذي يعطى هذا الصوت، يجب أن تتوفر فيه العدالة، ويجب أن تتوفر فيه الأسباب التي تجعله صالحًا للقبول، وعندئذٍ تكون الشهادة له شهادة حق، أما الشهادة لغير الصالح وغير الكفء وتقديمه؛ فهو لون من ألوان الزور الذي أمرنا الله باجتنابه فقال: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ (الحج: من الآية30). نعم إنه لا يحل لنا أن نشهد بالصلاحية لمرشح لمجرد أنه قريب، أو ابن بلد، أو لمنفعة شخصية قدمها، أو ترتجى من ورائه، بل يجب أن تقام الشهادة لله: ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ (الطلاق: من الآية 2)، والذي يتخلف عن أداء هذا الواجب، وعن أداء هذه الشهادة ويؤدي تخلفه إلى رسوب الكفء الأمين، وإلى فوز غيره، ممن لم تتوفر فيه أوصاف القوي الأمين، فالذي يفعل هذا يكون قد خالف أمر الله في الشهادة، فقد دعي للشهادة فأبى، والله تعالى يقول: ﴿وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾ (البقرة: من الآية 282)، وكتم الشهادة حين احتاجتها الأمة، فالله تعالى يقول: ﴿وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: من الآية 283)، وأقول للذين يخونون الأمانة ويبيعون مستقبل أمتهم بعرض من المال: لا يجوز شرعًا أن يأخذ المسلم أجرًا على هذه الشهادة، وإن كانت شهادة حق، ويأثم إن كتم شهادة الحق والعدل، التي يترتب عليها إنصاف المظلوم. قال تعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ (الطلاق: من الآية 2)، وقال تعالى: ﴿وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: من الآية 283)، ولا يجوز للمسلم أو المسلمة أن يشهد إلا بحق، فلا يعطي صوته وشهادته إلا لمن يعرفه معرفة جيدة.
  •  وقد ورد عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يشهد بشهادة، فقال لي: "يا ابن عباس، لا تشهد إلا على ما يضيء لك، كضياء هذه الشمس"، وأومأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى الشمس. أخرجه الحاكم، وتكلم في أحد رواته البيهقي، ولكن معناه صحيح ومن يدلي بصوته لمن يعلم عدم كفاءته مع وجود الكفء، فهذه شهادة زور؛ لأنها شهادة كذب ليوصل بها من لا يستحق إلى موضع ومقام خطير، ويتحكم به في مصير بلد، ويتحدث فيه نيابة عن كثيرين، بل إنه يمثل الأمة، ولا يمثل نفسه ولا دائرته فحسب، فإذا كان هذا الشاهد أو هذا الناخب قد أخذ مالاً لتوصيل هذا النائب، فإن هذه شهادة زور مركبة جمعت بين الكذب والبهتان وأكل المال بالباطل، ومن ثَمَّ ينبغي أن يسقط عن النائب منصب النيابة، فترفع عنه الحصانة النيابية؛ ليقدم إلى المحكمة؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل.

 ولذلك اتفق الفقهاء على نقض الحكم القضائي إذا تبين أن الشهود قد شهدوا زورًا وكذبًا، ويضمنون ما ترتب على شهادتهم من ضياع أموال وغيرها، وإذا ثبت قضاء أن النائب قد وصل إلى المجلس بطريق شهادة الزور، ولو كان شاهد زور واحدًا لا ينقص النصاب المطلوب للفوز، فإنه يجب إسقاط عضويته؛ نظرًا لأصل العمل لا لنتيجته، كاختلاط الحلال بالحرام، فإن الحرام يغلب الحلال، ومن سرق مرةً فهو سارق، ومن قتل مرة فهو قاتل، كما يجب ألا يعطى فرصة لترشيح نفسه مرة أخرى من باب العقوبة والردع لغيره، ومصيبة شراء الأصوات مظهر غير حضاري، بل هو مظهر غش حضاري.

 وللأسف أن بعض الناس يقول: لو لم أشهد لأبي لو لم أشهد لعمي، لو لم أشهد لأخي لو لم أشهد لصهري، لو لم أشهد لابن عمي لو لم أشهد لقريبي، لغضبوا علي وصار ذلك سببًا للقطيعة، وآخرون يكتمون الشهادة ويقولون: هذا مديرنا، وذاك رئيسنا، وفلان صاحب سلطة ومعروفٌ بالجرأة، فكيف نشهد عليه؟ ولو شهدنا ضده لفعل بنا ولأضر بنا، ويقال لمن هذا شأنه: وليغضب عليك قريبك، وليغضب منك مديرك، وليغضب عليك أهل الدنيا كلها في مرضاة الله، فثق كل الثقة أنك إذا أرضيت الله بسخط الناس، فإن الله يكفيك مؤونة الناس ويرضيهم عنك، ولو أنك أغضبت الله برضا الناس، لغضب الله عليك وأغضب عليك الناس، ولانقلب رضا الناس عنك غضبًا، فاتق الله في نفسك وأد أمانتك، ولا تداهن أحدًا في حقوق الله- عز وجل- وفيما أوجب عليك، حتى لو غضب عليك من في الأرض جميعًا.
  •  واحذر من كتمان الشهادة وإضاعة حقوق الآخرين بسببك، وخذلانهم وهم لا ناصرَ لهم إلا شهادتك، فإنه ما من امرئ يخذل امرأً مسلمًا في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه، إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته، وما من امرئ مسلم ينصر مسلمًا في موضع ينتقص فيه من عرضه وتنتهك فيه حرمته، إلا نصره الله في موضع يحب فيه نصرته، وفي البخاري قال- صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، فقال رجلٌ: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالمًا كيف أنصره؟ قال: "تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره" ولما جاء الإسلام وجد أهل الجاهلية يتعصبون لقبائلهم وانتماءاتهم العرقية، ويفتخرون بذلك على غيرهم، فنهاهم عن تلك العصبية الممقوتة، وقال صلى الله عليه وسلم عنها: "دعوها فإنها منتنة" حديث صحيح أخرجه الترمذي في الجامع ﺟ/5 ﺻ/417 برقم/3315؛ وذلك لأنه يترتب على هذه العصبية للأهل والأقارب اتباع الهوى، وغمط الحق، وإنكار العدل، وتسويغ الباطل، والرضا بالظلم، وهي كلها أمور تناقض تعاليم الإسلام السمحة، وتعارض قيمه النبيلة.

 فعلى المسلم في عملية الاقتراع أو غيرها ألا يتعصب إلا للحق، ولا ينحاز إلا للعدل، وأن يكون قوامًا لله بشهادته، فيختار لأمته أفضل من يمثلها، ولو لم يكن قريبًا له، ويتجنب اختيار مَن يسيء تمثيلها، وإن كان أقرب إليه وأحبهم إلى نفسه.
—————————————
المصدر :   http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=74925&SecID=363

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق