الأربعاء، 1 يونيو 2011

حُبّاً للإخوان وخوفاً عليهم….. أحمد الريدي

ترددتُ قبل كتابة هذه الكلمات خوفاً من "التفريق" واتّقاءً لـ "هوجة" كثير من الإخوان الذين تربّوا على مفاهيم تمثّل أولويات تغلّف حياتهم ومعتقداتهم ولكنى سرعان ما قررت أن أنفض هذا الهاجس وأكتب .. لعل المعانى تصل إلى القلوب قبل الأسماع والعقول .. يدفعنى عرفانى بجميل الإخوان وأفضالهم علىَّ ورغبتى فى أن تكون أجواء الحرية خير مرتع لأفكارهم التى أحيا بها .. ولن يعوقنى أنى كنت فيهم لأننى مازلت أرانى منهم
وقبل أن أسترسل فيما أرغب فى طرحه أود أن نعقد إتفاقاً: إذا استحسنتَ المحتوى سواءً كنت داخل التنظيم أو خارجه فانشُره فرُبَّ مُبَلَّغٍ أوعَى من سامع.

سيكون حديثى عاماً فلن أستثير البعض بالإشارة إلى أشخاص قد تعرفونهم ولن أركّز على أخطاء بعينها إنما ستكون الإشارة إليها فى معرِض الحديث العام .. وسأجتهد فى أن تكون النقاط محددة منطقية سهلة الفهم قابلة للتنفيذ .. وأرجو أن تنسَوا قليلاً أن الإخوان مستهدفون وأن الجميع يتصيّد لهم و … إلخ وأن تتذكّروا أن المهام شاقة وأن الطريق وعرة.
  • فى التاريخ هناك من الحركات والأيديولوجيات السياسية وغير السياسية الإسلامية وغير الإسلامية ما كانت وهّاجة فى ظروف معينة إمتدت لسنوات ثم خفَتَ ضوءها عندما تغيّرت الظروف كما أن هناك من الأحزاب والقوى السياسية ما تنجح نجاحاً ملحوظاً وهم أقلية وربما يقودون صفوف المعارضة ولكنها تفشل فى إدارة الأمور إذا تبدلت أماكنهم وصاروا فى المنظومة السياسية الحاكمة .. نفس فكرة المقولة "إن لله عباداً فقراء لا يصلحهم إلا الفقر ولو أغناهم لطغَوا وإن لله عباداً أغنياء لا يصلحهم إلا الغِنَى ولو أفقرهم لفسدوا" .. حدث ذلك ويحدث وسيحدث .. والسؤال: لماذا؟ لماذا نجحت مجموعات فى ظروف مختلفة وفشلت أخرى؟ مفتاح الإجابة فى عبارة "القدرة على التطوّر ومواكبة التغيير" .. ليس كلاماً ولا لجاناً تُشَكَّل وإنما فهماً جماعياً وإرادة جماعية.

  • العمل العام له شروط أساسية فى كل وقت وله شروط إضافية (أو تكميلية) فى أوقات معينة .. هذا للعمل العام عموماً .. والخطاب الجماهيرى له خصوصية فى العمل العام والمناظرات لها خصوصية فى الخطاب الجماهيرى .. ومن الشروط الأساسية ألا يقع الشخص المعنى بالعمل العام (وبالأحرى بالخطاب الجماهيرى وبالأحرى بالمناظرات) فى خطأ فادح .. وإذا وقع يخرج من المشهد إما بقرار شجاع منه أو بقرار ممن يمثّلهم .. يخرج من المشهد ولا يصح الإبقاء عليه معتبرين أن الحسنات يُذهبن السيئات وأن العبرة بمجموع الحسنات ومجموع السيئات ..
سأضرب مثاليْن: الأول: ماذا يحدث إذا أجاد ممثل فى دوره على المسرح إجادة تامة ونال من التصفيق مداه على طول المسرحية ثم وقع فى خطأ فادح (واحد) قبل النهاية بأن نسى حواره تماماً ولم يستطع أحد على المسرح تصحيح الوضع وظل المسرح صامتاً فاضطر المخرج لإنزال الستار؟ مارأيكم؟ هل أجاد الرجل أم أساء؟ هل يكون جحوداً من المتفرجين أن يعتبروه مسيئاً رغم التصفيق الذى ناله من قبل ورغم تقمصه التام للشخصية أم أن ذلك الخطأ أفسد الطبخة بالكامل؟ الثانى: ماذا يحدث إذا أجاد مدافع فى كرة القدم طوال 90 دقيقة هى عُمر المباراة ومنع الخصم تماماً من الاقتراب من المرمى ثم أخطأ فى الوقت المحتسب بدلاً من الضائع خطأ جسيماً كان السبب المباشر فى تسجيل الخصم لهدف وخسارة المباراة؟ لماذا ستنهال اللعنات على رأس المسكين وهو الذى إجتاز كل الإختبارات عدا واحد؟ الإجابة ببساطة: لأن أثر الخطأ الفادح هنا أقوى من كل النجاحات .. وما هى مسئولية المخرج فى المثال الأول والمدرب فى المثال الثانى؟ ألا يجب أن يتأكد كل منهما (فعلاً وليس قولاً) أن خطأً من هذا النوع لن يحدث من هذا الرجل مرة أخرى مما قد يستوجب إعفاءً (ولو مؤقتاً) حتى تكتمل لياقته الفنية والذهنية للمسرح أو للملعب؟ هذا بالضبط ما أقصده فى العمل العام.
  • مقولة "النصيحة على الملأ فضيحة" لا تنطبق فى رأيى إلا على الأمور الشخصية وليست أبداً من أبجديات العمل العام لدرجة أن تنصبّ اللعنات على الناقد ويُترك الخطأ الذى كان بسببه النقد لأن النقد والتصحيح العلنى هى أجزاء لا تتجزّأ من هذا النوع من العمل .. يجب أن يزول هذا المفهوم وأن يُستبدل بثقافة النقد التى لا تهتم بالنوايا والفرز (هذا منا فيجب ألا يفضحنا وهذا ليس منا فلن نمكّنه من الظفر بأخطائنا) وإلا فأين "رحم الله امرأً أهدى إلىَّ عيوبى"؟ ويجب أن يتحلّى الرجل الصالح (فضلاً عن المُصلح) بالشجاعة والمسئولية.

  • الفكرة والتنظيم .. كل منهما وسيلة سواءً لأهداف الدنيا أو الآخرة وإذا تحولت إحداهما فى قلبك أو عقلك لتكون غاية فاعلم أنك تسير فى الطريق الخطأ مهما اتفق معك الإخوة الكبار و أيّدوك الإخوة الصغار.

  • الموضوعية يرحمكم الله .. إنما يؤخذ الحق لذاته وليس لمَن يؤخذ منه .. وإنما يُعرَف الرجالُ بالحق ولا يُعرَف الحقُّ بالرجال .. الحق أحقُّ أن يُتّبَع .. الحق قيمة مطلقة يجب أن نحيا مفتشين عنها لا منتظرين لها من سلطات أعلى.

  • الكثرة وما أدراك ما الكثرة! مُهلكة إذا أعجبتك ومدمّرة إذا ركنتَ إليها .. "ويومَ حُنَينٍ إذ أعجبتكم كثرَتُكم فلم تُغنِ عنكم شيئاً" .. تماماً كالمال الوفير وكالعافية التامة .. تدغدغ المشاعر حتى يبدأ إحساس الحاجة ينسحب من قلبك ويحلّ محله إحساس "أنا قوى أنا أستطيع" ويتمكّن منك فلا تزيحه إلا إنتكاسة "وضاقت عليكم الأرضُ بما رَحُبت ثم ولّيتم مدبرين" .. والإعجاب بالكثرة إحساس (عمل قلبى) تترجمه الجوارح يمكن أن يأتى عنيفاً ويمكن أن يكون بسيطاً على شكل استهزاء بالآخَر

  • التصنيف يجب ألا يكون سبباً للإستعلاء حتى فى الحوارات الداخلية ويجب القضاء على معادلة (الإخوان = الفئة الناجية) وإعلاء قيمة الفهم لا تعنى حِكره على الإخوان واعتبار كل مَن هو خارج التنظيم قليل الفهم .. والتصنيف كان حيوياً فى العهد البائد للظروف الأمنية العصيبة ولكن مع التحوّل الشديد تتقلص فرص طغيان مبدأ التصنيف والاعتماد عليه فى الاختيارات عموماً

  • ذكر الله التحدى الأكبر بعد فترة الاستضعاف فى قوله تعالى على لسان موسى "عسى ربُّكم أن يُهلِكَ عدوَّكم ويستخلفَكم فى الأرض فينظرَ كيف تعملون" .. هلك عدوُّكم بأيديكم وأيدى غيركم وبقى التحدى: كيف تعملون؟

—–
** إن أريدُ إلا الإصلاحَ ما استطعتُ وما توفيقى إلا بالله **

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق