الأربعاء، 8 يونيو 2011

الإخوان وقطاع الطرق!!….. عصام تليمة

قاطع الطريق هو من يخرج عليك، مشهرا سلاحه، ليمنعك من الوصول إلى هدف مشروع، أو إلى بيتك، وتتعرض جماعة الإخوان المسلمين ـ والتيار الإسلامي عموما ـ منذ فترة إلى قطاع طرق يبغون قطع الطريق عليهم للوصول إلى هدف مشروع، سواء كان هدفا سياسيا أو دعويا.


وأول ما قام به قطاع الطرق على جماعة الإخوان، بنفي دورها في الثورة، مع أنه أمر ثابت لا ينكره إلا مكابر، أو جاحد، أو من أصابه عور في العقل، من أول يوم، سواء من تصريحات رسمية للجماعة، أو من تناول الصحف المصرية لذلك، من ذلك ما نشرته جريدة الشروق في يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير، يثبت بيقين دورهم، وما نشرته جريدة اليوم السابع قبل الثورة بيومين، وما قام ببثه الدكتور عصام العريان من تسجيل فيديو شاهدته بنفسي على موقع (يوتيوب) قبل يوم الخامس والعشرين من يناير، بالمشاركة، وبرسالة وجهها للشرطة المصرية، أن تكون حضارية في تعاملها، وقال: لا نطمع أن تفعل كما فعلت الشرطة الأردنية، ووزعت على المشاركين الشيكولاته والحلوى، لكن على الأقل أن تكون سلمية مع المشاركين. ولست في مقام المثبت أو المدافع عنهم في هذا الأمر.

وما أشدنا به من نكران الإخوان لذواتهم، في الثورة، فلم ترفع لافتة واحدة تشير إليهم، ولا هتاف واحد يشير إليهم، وقد كنت في يوم السبت التاسع والعشرين من يناير في ميدان التحرير، وقد هتف شاب بحسن نية من الإخوان المسلمين، فقال: الله أكبر ولله الحمد، فأدركه الدكتور محمد سليم العوا بأن هتف وقد كان الميكرفون اليدوي في يده، فقال: الله أكبر، والعزة لمصر. فكان هتافا متفقا عليه.
لكن ما يحدث الآن باتت حربا لا أخلاقية، وتستخدم فيها أسلحة غير شريفة، من تدليس، وتجاوز، ممن يتشدقون ليل نهار بالدولة المدنية، والديمقراطية، والحرية، ففي بادئ الأمر، قامت الحرب على التيار الإسلامي في فصيل منه، هو الجماعة السلفية، مؤخرين الحرب على الإخوان لما بعده، ولما انتهوا بدأوا بالهجوم على الإخوان، وهو نفس أسلوب أمن الدولة في عهد حسني مبارك، عندما كان العنف منتشرا من قبل الجماعة الإسلامية، أخر حربه على التيار الإسلامي المسالم، ثم بعد أن انتهى العنف، أدار حربا لا هوادة فيها على كل مظاهر التدين في مصر، بادئا الحرب على الجماعات الإسلامية المسالمة، دون تفريق بين من يعمل بالسياسة ومن لا يعمل.

ثم هناك فصيل آخر من قطاع الطرق، يريد الطريق خاليا له وحده، متعللا بأنه ضعيف، وأن الطريق يجب أن يتنحى منه الأقوياء، وهو منطق لا يقبله عقل، ولا تقبله الديمقراطية التي يتشدقون بها، فبأي وجه حق يطالب الإخوان بوعود، ويشدد في مراجعتهم في الوفاء بها، من عدم الترشح للرئاسة، أو عدم دخول البرلمان بأكثرية، ومع ذلك وعد الإخوان بذلك، وإلى الآن هم موفون بعهودهم.
ثم رأينا قطاع طرق آخرين، يخوفون الناس من الإسلاميين بدعوى أنهم لا يقرون بالتعددية السياسية، وتاجروا بها، وخوفوهم أنهم سينقلبون على الديمقراطية، وما لاحظناه أن التيار الإسلامي غير من خطابه، ومشى مع القطاع العريض في الأمة المعتدل، فرأينا الإخوان المسلمين بعد رأيهم في تولي الرئاسة للقبطي والمرأة، عند تأسيس الحزب تغير رأيهم، كحزب وظل رأيهم كجماعة وهو مقبول في عالم الفكر، والرأي والرأي الآخر، وكذلك السلفيون قبلوا بالمشاركة السياسية، بشروطها ومقتضياتها، الوحيدون الذين انقلبوا على هذه الديمقراطية هم أدعياؤها، وليسوا دعاتها، الذين صدعوا رؤوسنا ليل نهار بها، ولما جاءت على غير ما يهوون صاروا ديكتاتوريين أكثر من النظام السابق ديكتاتورية وقصفا وبطشا.

وقد يكون قاطع الطريق على الإخوان أو الإسلاميين أحد أفرادها دون أن يدري، كالدبة التي قتلت صاحبها، وذلك إما بطرد الكفاءات منها، وتقديم الثقة على الكفاءة، أو دفعه دون أن يدري ليكون طاقة مبددة تخسرها الجماعة، أو متحدث عن الجماعة لا يحسن عرض فكرتها، بل يكون مسيئا في العرض، مسيئا في الفكرة ذاتها.

وكي تتقي جماعة الإخوان شرور قطاع الطرق، عليها اتخاذ خطوات واضحة ومهمة:
أولها: الاستفادة من الطاقات المهدرة لدى شبابها، ممن لا يستطيع استيعابها جيل بينه وبينهم موانع كثيرة تمنع من الاستفادة ليس السبيل الآن الحديث عنها.

ثانيا: ترشيد تصريحات من لا يحسن التصريح، ولا عرض الفكرة، فلن تلومك الناس على قلة الكلام، بقدر ما ستقع في أخطاء من كثرته، والمتصيد لن يغفر لك كثرة الحركة والنشاط التي تولد أخطاء تغتفر في غمرة النشاط والحركة.


ثالثا: جهاز إعلامي وأرشيفي قوي، يرصد لهؤلاء الذين يتصنعون كل موقف للهجوم عليهم، لبيان تناقضهم، وفضح ممارساتهم المتناقضة بين ما يدعون إليه، وما ينقلبون عليه، وإعلانهم للأمر ونقيضه في آن واحد.


رابعا: على الجماعة فتح باب المبادرات الفردية في هذا الميدان، فهذا وقتها بلا شك، ومن يمتلك مشروعا فرديا، فليتحرك به ما دام يلتقي في الأهداف العامة، التي لا تصدم بثوابت شرعية أو دعوية. 


خامسا: يجب أن تكف الإخوان عن تقديم تنازلات سياسية وغيرها، أمام فصيل لا يعترف بما يتركه الإسلاميون عن رغبة في التواصل، والائتلاف، ولم الشمل، بل سرعان ما يتحركون لمساحة بعدها يريدون أن تنزوي الحركة الإسلامية في ركن قصي، قدر المستطاع، ولن يوقف هذا الطمع غير المبرر في إقصاء الحركة الإسلامية إلا أن تتبوأ الحركة بفصائلها الوسطية كلها مكانتها، ومكانها بين الجماهير، التي لها في قلوبها وعقولها مكانة كبرى، لا زالت الأيام تثبت أنها تزداد يوما بعد يوم.


سادسا: وهو كلام يوجه للشباب، الجماعة والتيار الوسطي الإسلامي في مرحلة تحتاج إلى نشاط دؤوب، ينطلق في عدة اتجاهات. الاتجاه الأول فكري: حيث إن الناس لا زالت تجهل كثيرا من الإسلام الوسطي المعتدل، في ظل تشويش متعمد على حقائقه العظيمة.
المرحلة القادمة باتت توحي بهجوم واضح على هوية الأمة، وثوابتها، التي لا يكل ولا يمل الآخر الكاره لها، من التحرش بها، أو المناوشات التي يجرب بها رد فعل الأمة.


والاتجاه الثاني عملي: على الشباب الإسلامي النزول للمجتمع، بتقديم الخدمات، وتوفير الأمن، والعمل على حل مشكلات الناس في ظل غياب الدولة، وهناك شهر كريم آت ينتظر فيه الفقراء والمحتاجين جهود هذا الشباب، من توعية، ومد يد العون التي اعتادها الناس من أبناء الحركة الإسلامية كل عام، في وقت كان النظام الفاسد يترقب كل خطواتهم، الآن والطريق ممهد مفتوح للعمل العلني، للخير والتنمية، ومساعدة الناس، فيجب الانطلاق للعمل، وهو خير رد على من يهاجم ويطعن في التيار الإسلامي العريض، لير الناس منا عملا، أكثر من أن نشغل أنفسنا بالرد على هؤلاء المهازيل الذين لا يملكون أرضية ولا تواجدا على في الشارع المصري.

ليس ما أذكره الآن تراجعا عن خطي النقدي للجماعة، ولا للنقد عموما، ولكن الإنسان الحصيف يعرف متى ينقد، وكيف ينقد، وماذا ينقد؟ ولا يظل شاهرا قلمه أبد الدهر لا يرى إلا السلبيات، إنما ينقد وهو يعمل، ويصوب الأخطاء ونصب عينيه أنه قد يكون جزءا من المشكلة، وهو جزء كبير من العلاج. ما كتبته في السابق، وما أكتبه اليوم، وما سوف أكتبه فيما بعد إن شاء الله، لا أبتغي به إلا رضا الله عز وجل، رضي من رضي، وسخط من سخط، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق