الأحد، 5 يونيو 2011

شباب الإخوان….. عمرو الشوبكي


 ظل موضوع شباب الإخوان يثير فضول كثير من السياسيين والصحفيين، وتنوعت النوايا ما بين راغب فى انشقاقها أو متمنٍ إصلاحها، وبقى الشباب هم محور الجدل النظرى حول الجماعة قبل الثورة، والعملى بعدها، بعد أن اتضح أنهم يمثلون قوة حقيقية على أرض الواقع.
والحقيقة أن قوة جانب كبير من شباب الإخوان تتمثل فى أنهم كانوا طرفاً فاعلاً فى الثورة، وهو أمر يختلف عن كثير من أجيال الجماعة الأكبر الذين نظروا بحذر لما يجرى فى الشارع المصرى منذ ٢٥ يناير، فى حين أن مشاركة الشباب الفاعلة فى الثورة وصمودهم الباسل فى موقعة الجمل رغم تعليمات القيادة بعدم المشاركة فى الأولى والانسحاب من الثانية (كما صرح واحد من أبرز قيادات ائتلاف شباب الثورة) دلت على اختلاف واضح فى الخبرة والتكوين بين أجيال الجماعة المختلفة.
إن القضية ليست فى التركيز على مسار انشقاقى تتعرض له الجماعة (ستبقى جماعة قوية حتى لو خرج بعض الشباب منها)، يفرح به الإعلام وبقايا الحزب الوطنى، إنما فى وجود مدرسة أخرى داخل الجماعة تنظر للشأن العام بمنظور مختلف، ولديها تراث حقيقى من المشاركة ليس فقط فى الثورة، إنما فى الحياة السياسية بمعناها الجديد.
وتمتع مجمل هؤلاء الشباب بقيم أخلاقية انعكست على شكل إدارة الخلاف مع قياداتهم، وهو أمر يجب أن تتعلمه باقى القوى السياسية التى لايزال بعضها يعتبر أن «التقدمية» هى فى أن يسبّ الشباب ليس فقط قادتهم، إنما كل من يخالفهم فى الرأى، على عكس ما فعل شباب الإخوان حين انتقدوا بشكل حاسم أداء بعض قادتهم دون إهانة أو تخوين.
لقد حافظ شباب الإخوان على البقاء فى منطقة وسط بين خبرة وأداء شيوخهم، وخبرة وأداء باقى القوى السياسية، فلا خطابهم هو نفس خطاب الجماعة الدعوى المكرر، ولا هو نفس خطاب القوى الليبرالية واليسارية التقليدية التى مهمتها الوحيدة فى الحياة إقصاء الإخوان.
لقد تربى شباب الإخوان على منظومة قيم أثرت بشكل إيجابى فى سلوكياتهم وأدائهم السياسى، ولكنهم لم يكتفوا بهذه «التربية»، لأن أخطر شىء حين يتصور بعض الإخوان أنهم سيحلون مشكلات المجتمع بالكلام العام والتربية الدعوية، فى حين أن شباب الإخوان وعى أن مشكلات هذا البلد لن تحل بالبرنامج الدعوى ولا بمنع الأخ الإخوانى من أن يتزوج من فتاة «أدنى» من عامة الشعب، إنما بامتلاك الرؤية السياسية والاستعداد لدفع ثمنها إذا تطلب الأمر.
إن صيغة شباب الإخوان يجب مناقشتها على مستوى أكبر بكثير من قضية الانشقاق داخل الجماعة، لتصل إلى قضية دعم التيار الثالث الذى يضم تيارات مدنية تدعم بقاء المادة الثانية من الدستور، وتحترم ثقافة هذا البلد وقيمه الحضارية (الدين، الهوية العربية، وغيرهما)، ومعها أيضا تيارات إسلامية مؤمنة حقيقة بالدولة المدنية وبالمواطنة والديمقراطية والنظام الجمهورى.
قد يلعب شباب الإخوان هذا الدور فى المستقبل المنظور، وقد يكونون هم أفضل ما فى الصيغة الإخوانية التى ربما يحتاجها المجتمع المصرى الآن أكثر من غيرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق