الثلاثاء، 5 مارس 2013

ماذا تعنى الحلول السياسية؟........ عبد الفتاح ماضى

الحلول السياسية لا تعنى التحاور مع من يلقون المولوتوف ويشعلون الحرائق، ولا تعنى أيضاً إسقاط الرئيس، وإنما تعنى ألا نقرأ الواقع بنظرة ثنائية ضيقة، وألا نعتبر الصراعات القائمة صفرية (نحن أو هم)، وتعنى أيضاً أن نعالج أسباب ما وصلنا إليه.
فالمشكلة صارت مركبة، وهذه حال الثورات دوما، وبالتالى لا يجب اختزالها فى أنها مؤامرة من أطراف بالداخل والخارج، كما لا يجب النظر إلى الإخوان بمفردهم على أنهم السبب، كل الأطراف أخطأت، وللجميع مخاوف من الجميع، والثورة مستهدفة بالفعل. لكن بدلا من البحث عن أوزان هذه الأخطاء، أو تصور كل طرف أن بإمكانه التخلص من منافسه، علينا التركيز على الحلول السياسية الممكنة إذا أردنا فعلا أن ننقذ بلادنا ونعبر بها إلى بر الأمان.
والحلول الممكنة يجب أن تهتم بمحورين؛ العنف والمصالحة السياسية. 
  1. علينا التمييز بين فئات مختلفة تمارس أشكالا مختلفة من العنف:
  • فهناك فئات مأجورة تعمل كأداة للثورة المضادة، ولا يصلح معها إلا سحب أى غطاء سياسى عنها واحتواؤها ومواجهتها دون تجاوز القانون.
  • وهناك مجموعات شبابية احتجاجية كالألتراس والبلاك بلوك، أثبتت أحداث بورسعيد أنها قادرة على التأثير بطرق غير تقليدية كقطع الطريق وتعطيل القطارات، ولدى بعضهم أفكار محددة بشأن الثورة وبنية السلطة والدولة. لا يمكن تجاهل هؤلاء أو مواجهتهم أمنيا، ولا بديل عن الحوار وخلق آليات للاستفادة من طاقاتهم وترجمة أفكارهم إلى واقع. هؤلاء الشباب ثروة قومية.
  • وهناك شباب غاضبون يعبرون عن غضبهم فى مجتمع حرمهم من أبسط متطلبات الحياة. هؤلاء قد يكونون نواة لغضبة حشود أخرى من المهمشين الذين لم تتحسن أوضاعهم بعد الثورة، ويشهدون كل يوم معارك سياسية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
أوضاع هؤلاء لابد أن تكون على رأس أولويات أى حكومة، ففى بلد فيه 18 مليون أسرة تعيش فى 1200 عشوائية بعدد سكان يتجاوز 12 مليون حسب مصادر مختلفة، يجب أن تكون هناك وزارة (أو مجلس أعلى) للمهمشين والعشوائيات حتى يتم القضاء تدريجيا على هذه المشكلة، ويتحول هؤلاء الناس من محرومين إلى مواطنين مشاركين فى البناء. إنهم أيضاً ثروة قومية.
  1. والحلول السياسية تعنى أيضاً المصالحة الوطنية الشاملة:
لن أتوقف عن تكرار السنن الكونية لحالات التغيير الأخرى التى كتبت عنها مرارا: فى فترات الانتقال ومرحلة بناء دولة القانون والمؤسسات الديمقراطية:
  • (1) لن يكتب النجاح لأى فصيل يتحمل بمفرده معالجة إرث النظام السابق، لأنه لن ينجو من تربص المنافسين واستهداف المتضررين من التغيير.
  • (2) الانتخابات والاستفتاءات لا تصلح (بمفردها) مصدراً للشرعية، فهى ليست بديلا عن المصالحة والتوافق والمشاركة فى مجتمع يتحسس طريقه للديمقراطية، ولا تصلح (بمفردها) مصدراً للقوة فى بلد شهد ثورة وانكسر فيه حاجز الخوف لعقود طويلة مقبلة.
  • (3) لا خروج إلا بتوسيع مساحة التحالفات وتكوين جبهة وطنية صلبة وتوزيع المهام والملفات المختلفة على فرق عمل متخصصة.
وأكرر مقترَحا، جُرّب تاريخيا، وهو أن تتضمن تعديلات الدستور شرطا بأن تكون الحكومة بعد الانتخابات المقبلة حكومة موسعة تحظى بدعم 75 أو80 بالمائة من أعضاء البرلمان، حتى نضمن أكبر قدر من المشاركة وتوزيع المسئوليات وأقل قدر من التربص والمشاكسة، وحتى ينتقل التدافع والصراع من الميادين إلى البرلمان والحكومة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق