الجمعة، 8 مارس 2013

هدية من السماء ..................... عماد الدين حسين

لا أعرف هل يجوز قانونا أو عرفا أن أشكر القاضى الجليل المستشار عبدالمجيد المقنن على حكمه بوقف الدعوة للانتخابات النيابية وإحالة القانون الى المحكمة الدستورية ام لا؟.

هذا الحكم هو فعلا هدية من السماء ــ كما قال السياسى الكبير عمرو موسى ــ ليس فقط لمحمد مرسى وجماعة الإخوان، أو حتى للمعارضة وجبهة الإنقاذ، لكن فرصة أكبر لمصر كى تخرج من الحفرة العميقة التى وقعت فيها بفعل فاعل.

هو هدية من السماء إذا أحسن الطرفان التعامل مع الحكم والاستجابة له، كل بطريقته وقد يصبح لا شىء إذا اعتقد كل طرف أنه أمر لا يخصه.

الرئاسة ــ ولأسباب متعددة ــ وجدت نفسها فى طريق مسدود، ورفضت الإنصات لأصوات عقل كثيرة تطالبها بمد يديها إلى المعارضة من أجل توافق سياسى. مد يد بشكل عملى وليس عبر تصريحات ونداءات تلفزيونية بتحديد مواعيد لحوارات وطنية غير ملزمة لأحد يقول فيه كل شخص رأيه ثم ينصرف إلى منزله وكأن شيئا لم يكن.

كثيرون كانوا يقولون إن أى تراجع بعد إقرار القانون سيؤثر على هيبة الرئاسة وصورتها وسمعتها، ورغم أن ذلك ليس دقيقا، فإن الحكم الأخير أعفى الرئاسة من هذا الحرج.

فى المقابل اتخذت جبهة الإنقاذ قرار مقاطعة الانتخابات، وهو ما رآه البعض متسرعا وربما غير مدروس، بما لا يؤثر على توجهات الإخوان والرئيس محمد مرسى بل قد يوثر على مستقبل المعارضة المصرية نفسها، والحكم الأخير أعطى جبهة الإنقاذ فرصة عظيمة تتحرر من هذا القرار.

الآن صار لدينا مساحة زمنية معقولة، إذا صحت الروايات والتقديرات التى تقول إنه لن تكون هناك انتخابات قبل شهر رمضان المقبل فى أغسطس المقبل.

وبالتالى يمكن للفرقاء ــ الحكومة والمعارضة ــ أن يجلسوا معا ليس فقط من أجل إنجاز قانون انتخابات سليم وعادل، بل من أجل التوافق السياسى الحقيقى.

قانون الانتخابات ــ إذا أخلصت النوايا ــ يمكن إنجازه فى أقل من أسبوع، خصوصا فى مسألة التقسيم العادل للدوائر، فى حين أن البعض يقول إنه لايوجد توافق سياسى كامل، وأن المعارضة تريد سرقة كرسى الرئاسة من الإخوان بأى ثمن وتتحجج بكل الحجج الصحيحة والخاطئة.

قد يكون هناك شىء من الصحة فى هذا الاعتقاد، لكن ــ وللمرة المليون ــ فإن الرئاسة تتحمل جانبا كبيرا من مسئولية بذل كل الجهد الممكن للوصول الى حلول وسط للقضايا الخلافية.

محمد مرسى ليس رئيسا لجماعة الإخوان أو حزب الحرية والعدالة هو رئيس لكل المصريين، وبالتالى عليه أن يضع سياسات ويتخذ قرارات لا تفرق بين شخص وآخر على أساس حزبى أو فئوى أو مدنى أو جهوى.إذا وصلت هذه الروح الى المعارضة فالمؤكد أنها ستمد يدها للرئيس.

هذه المعارضة فى المقابل مطالبة بالبرهنة على أن ما يشغلها ليس اسقاط حكم الرئيس المنتخب، بل العمل من أجل مستقبل أفضل للبلاد.

المشاكل التى تحاصر مصر الآن رهيبة وخطيرة وقد تهدد مستقبل الوطن بأكمله.

أمام الحكومة والمعارضة فرصة جاءت من السماء من أجل الخروج من النفق المظلم.. فهل ينتصر العقلاء أم يستمر المتطرفون فى قيادة دفة السفينة الموشكة على الغرق؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق