السبت، 9 مارس 2013

تدهور مستوى التعليقات فى المواقع الإلكترونية..... دومينيك بروسارد ـ ديترام شيوفيل


فى البداية، خلق آلهة التكنولوجيا، الإنترنت! ورأوا أنه أمر جيد. وفى النهاية، صار مجالا عاما ذا إمكانات غير محدودة للنقاش المنطقى وتبادل الأفكار، وجسرا حواريا مستنيرا عبر العديد من الحواجز الجغرافية والاجتماعية والثقافية والأيديولوجية والاقتصادية، التى تفصلنا عادة فى الحياة، ووسيلة لدفع الفواتير من دون طابع التمغة. ثم اخترع شخص ما «تعليقات القراء» فضاعت الجنة! ينبغى القول، إن الشبكة، مازالت مكانا رائعا للنقاش العام. ولكن عدما يتعلق الأمر بقراءة وفهم الموضوعات الإخبارية على الإنترنت مثل هذا الموضوع على سبيل المثال يمكن أن يكون للوسيلة الإعلامية، تأثيرا محتملا مثيرا للدهشة على الرسالة المقدمة. ويوضح بحثنا أن تعليقات بعض الكتاب، يمكن أن تشوه بشكل كبير ما يظن بقية القراء أنه المقصود فى الأساس. وليس المهم محتوى التعليقات وإنما لهجتها! ففى دراسة، نشرت على الإنترنت الشهر الماضى فى صحيفة جورنال أوف كمبيوتر ميدياتد كوميونيكيشن، كتبنا، مع ثلاثة زملاء، عن تجربة تهدف إلى قياس ما يمكن أن نسميه «الأثر السيئ». حيث طلبنا من 1183 مشاركا أن يقرأوا بعناية آخر الأخبار على مدونة وهمية، تشرح المخاطر والفوائد المحتملة لمنتج تكنولوجى جديد يسمى النانو سيلفر. وذكرت المقالة على الإنترنت أن هذه الجسيمات متناهية الصغر من الفضة، أصغر من مائة جزء من البليون من المتر فى كل بعد من أبعادها، لديها العديد من الفوائد المحتملة (مثل خصائص مضادة للجراثيم) والمخاطر (مثل تلوث المياه). ثم أخذنا تعليقات المشاركين على الموضوع، والتعليقات المفترض أنها من قراء آخرين، والإجابات عن أسئلة تتعلق بمحتوى المقال نفسه. عرضنا على نصف عينتنا تعليقات القراء المهذبة، والتعليقات الفظة على النصف الآخر ــ على الرغم من ثبات المحتوى الفعلى، وطول، وقوة التعليقات، التى تراوحت بين تأييد التكنولوجيا الجديدة، والقلق من المخاطر؛ فى كل من المجموعتين. وكان الفارق الوحيد أن التعليقات الوقحة تضم نعوتا سلبية أو ألفاظ سباب، كما فى: «إذا كنت لا ترى فوائد استخدام تكنولوجيا النانو فى هذه الأنواع من المنتجات، فأنت أحمق» و«أنت غبى إذا لم تفكر فى المخاطر التى يتعرض لها الأسماك وغيرها من النباتات والحيوانات فى المياه الملوثة بالفضة».
 وكانت النتائج مدهشة ومثيرة للقلق معا. فلم تؤد التعليقات غير المهذبة إلى الاستقطاب بين القراء فحسب، وإنما غيرت غالبا تفسير المشاركين للقصة الخبرية نفسها.وفى المجموعة المهذبة، لم يختلف إحساس أولئك الذين أيدوا أو لم يؤيدوا التقنية من البداية الذين عرضنا عليهم أسئلة البحث الأولية بعد قراءة التعليقات. أما أولئك الذين تعرضوا للتعليقات الوقحة، فقد انتهى بهم الأمر إلى فهم أكثر استقطابا، للمخاطر المرتبطة بالتقنية. وكان وجود هجوم شخصى ضمن تعليق لقارئ، كافيا لجعل المشاركين فى الدراسة، يظنون أن عيوب التقنية المذكورة أكبر مما كانوا يظنون من قبل. وفى حين يصعب تحديد الآثار المشوهة من مثل هذه البذاءة على الإنترنت، إلا أنها مهمة جدا، لا سيما ــ وربما للمفارقة ــ فى مجال الأخبار العلمية.
 يقول نحو 60 فى المئة من الأمريكيين الراغبين فى الحصول على معلومات عن مسائل علمية محددة إن الإنترنت مصدرهم الرئيسى للمعلومات ــ مما يضعه فى مرتبة أعلى من أى من مصادر الأخبار الأخرى. وقد خلق المشهد الإعلامى الناشئ على الإنترنت، محفلا جديدا، يخلو من المفاهيم الاجتماعية التقليدية والقواعد الذاتية، التى تحكم عادة تعاملاتنا الشخصية ــ وتشكل تلك الوسيلة الإعلامية، على نحو متزايد، ما نعرفه وما نظن أننا نعرفه، على حد سواء. وهناك نهج ممكن لتخفيف التأثيرالسيئة بالطبع، هو وقف تعليقات القراء على الإنترنت تماما، كما فعلت بعض المؤسسات الإعلامية والمدونين. فعلى سبيل المثال، نشر بول كروجمان على موقع هذه الصحيفة فى الذكرى العاشرة لأحداث الحادى عشر من سبتمبر، مدونة، انهاها ببساطة بالقول «لن أسمح بتعليقات على هذا الموضوع، لأسباب واضحة»، ووضعت وسائل إعلام أخرى قواعد لتشجيع اللياقة فى التعليق، أو راقبت بشكل نشط تعليقات القراء. ولكن، كما يقولون، خرج العفريت من القمقم! حيث أن التفاعل بين القراء جزء مما يجعل الموقع على الانترنت موقعا ولهذا كان فيس بوك وتويتر وغيرهما من جميع وسائط الإعلام الاجتماعية، على ما هم عليه. ولن تكتسب هذه الظاهرة زخما فقط، إلا ونحن نتعمق فى عالم التليفزيونات الذكية والأجهزة المحمولة؛ حيث يصبح، على الفور، أى نمط من أنماط المحتوى جزءا لا يتجزأ من دفق مستمر فى السياق والتعليق الاجتماعيين. ومن الممكن أن تتغيرالأعراف الاجتماعية، مرة أخرى، فى هذا المجال الشجاع الجديد ــ مع تجنب المستخدمين للهجمات خبيثة الطوية ممن يكتبون مستترين وراء أسماء مستعارة، ومع غرس أساليب النقاش المهذب بدلا من ذلك. حتى ذلك الحين، احذروا من التأثير السيئ!------------------------------------------------------------------ أستاذا الإعلام فى جامعة وسكونسن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق