الاثنين، 1 أبريل 2013

لماذا «غير معلنة»؟..... معتز بالله عبد الفتاح

تساءل بعض الأصدقاء ممن أعتز بهم عن عبارة «غير معلنة» التى وردت فى مقال لى يوم الأربعاء الماضى، وجاء فيه: «أما وقد فشلت كل محاولاتى غير المعلنة لمدة ثلاثة أشهر للالتزام بالدستور فى تعيين النائب العام، وطالما أن الجميع فى أجهزة الدولة الرسمية صموا آذانهم فيما يتعلق بهذه المسألة الحيوية التى تعد لبنة مهمة فى بناء دولة القانون، إذن فمن المهم تبصير الرأى العام بخطورة بقاء الوضع على ما هو عليه».

وردى يأتى من علوم الإدارة والاستشارة، حيث يقال إن الإنسان فى موضع تقديم الاستشارة يمكن أن يعمل «B to B» أو «B to C»، والمقصود بـ«B» هو «البيزنيس» أى من يتخذون القرار سواء الاقتصادى أو السياسى. والمقصود بالـ«C» أى الـ«Customer» أى «الزبون».

فى هذه الفترة العصيبة، كى تكون بطلاً، اشتغل «B to C» يعنى افضح الدنيا، واطلع اشتم فى الرئيس والحكومة والمجلس العسكرى و«الداخلية» والقضاء والدستور ومدير المجلس المحلى وغيرهم. وربما لا يكون الدافع هو الرغبة فى البطولة الوهمية، لكن قلة الحيلة لأن الكاتب أو الإعلامى حين لا يجد من ينصت إليه فإنه يزداد ضيقاً ومن ثم غيظاً وربما غلاً ولكنه أيضاً لا يحل المشكلة ولا يساهم فى حلها.

ولكن حين تكون المعضلة كبيرة ومن يتخذ القرار مرتبكاً والمعلومات متضاربة فإنه من المفيد ألا نتحول جميعاً إلى دانات مَدافع لأن هذا سيجعله هو الآخر يزداد غيظاً وغلاً ونتحول إلى مصارعة سياسية حرة بلا ضوابط وتزداد الأمور سوءاً.

ولكن هناك واجب على كاتب هذه السطور كذلك أن يكون أميناً مع قارئه، وهو ما يجعلنى أكتب لاحقاً عما حاولته أو فعلته سابقاً. وهناك عادة فجوة بين ما يبذله الإنسان من نصح وما يكتبه على أمل حل المشاكل وساعتها لا حاجة للكتابة أصلاً.

ولكن هناك شروط لمن يسعى لترشيد سلوك الفاعلين السياسيين، وهى:

  • أولاً، ألا يكون الكلام تدليساً، من قبيل أحسنت يا ريس، برافو عليك، سيبك منهم، دول شوية عملاء وخونة. يقيناً، كاتب هذه السطور لا يقول مثل هذا الكلام، بل العكس هو الصحيح، أن رئيس الجمهورية مطالب بأن يكون رئيس مجلس إدارة الوطن والعضو المنتدب وأنه مطالب بأن يستوعب العقلاء من المعارضين، وإن لم يفعل فإن الفجوة تزيد والخاسر هو الوطن: شعباً قبل الحكومة.


  • ثانياً، أن يتسق الكلام غير المعلن مع الكلام المعلن، بل وأن يقال نفس الكلام وبنفس الوضوح فى كل المواضع. والحقيقة أن مؤسسة الرئاسة تسمع كثيراً، وتستمع أحياناً، وتنصت نادراً، ولكنها لا تنفذ إلا ما يتراءى لها وفقاً لحسابات تراها وأختلف معها تماماً، بما جعلنى فى مواضع كثيرة أرجف عن التواصل أو بذل النصح إلا عند الكوارث.


  • ثالثاً، المجالس أمانات، وما يقال فى المجالس، سواء مجالس الحكم والموالاة أو مجالس الرفض والمعارضة، لا ينبغى أن يكون مادة للحوارات السيارة لأن كل فعل ليس له رد فعل واحد وإنما له عشرات وربما مئات ردود الفعل فى اتجاهات كثيرة متعارضة وعلى نحو لا يتخيله الإنسان.


  • رابعاً، إيجاد حل لأى مشكلة، بما فيها مشكلة النائب العام، أهم عندى من التنديد فى غير موضعه، وفى هذا الموضوع تحديداً، أنا لم أكتب فيه إلا بعد أن تبين لى أن الجرح قد تقيح وسيقلب إلى «غرغرينا» لا يمكن علاجها.


  • خامساً، المهم فى كل هذا، ألا يكون الإنسان صاحب غرض من مال أو منصب؛ فكما يقال: الغرض مرض، والمال يجعل صاحبه يميل عن الحق.


  • سادساً، مع احترامى للجميع، لكن لا مدح أو قدح سيجعلان عاقلاً يغير موقفاً يراه صواباً ووطنياً من أجل استرضاء موقف آخر: أيديولوجياً كان أو حزبياً، أو حتى انعكاس لحماسة غير ناضجة. وكل إنسان مسئول عما يفعل أو يقول أمام الله والتاريخ. وكل نصح يقدم لى، أستفيد منه سواء كان صواباً أو خطأ.


  • سابعاً، المهم المشكلة تتحل، ليس مهماً مَن حلها. مشاكلنا تتعقد ونحن نملك مهارة هائلة فى الإثبات العلنى أن الطرف الآخر هو المخطئ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق