الأربعاء، 17 أبريل 2013

عن مستقبل الحالة الدعوية.... أنس حسن


إن تراجع "الدعوي" لصالح السياسي يشكل أزمة كبيرة، وفكرة الجماعة التي تواجه كل التحديات تحت مصطلح الجماعة "الشاملة" أصبحت فكرة بالية وبدأ الواقع يثبت فشلها.... والإسلاميون لابد أن يعملوا بمنطلق جديد يراعي مفهوم (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة)، اللامركزية أصبحت ضرورة.... وجماعة كالإخوان أداؤها "موسمي" بمعنى أنها تفعل مجالات عملها وفق الموسم وليس وفق "الشمول"، فالدعوي يفعل أحيانا ويرقد أحيانا أخرى بحسب تأثير "السياسي عليه" والبر يفعل "مواسم" ويفتر مواسم أخرى بحسب تأثير "ألسياسي"!!

ولا أظن أن مجموعة تتولى إدارة الشمول تستطيع أن توازن بين تحدي السياسي وإلحاحه المستمر وضغطه وبين احتياجات البيئة للدعوي وللفكري وللتربوي!.... وعليه فنموذج "العمل الإسلامي" كما يطرحه الإخوان عفى عليه الزمن وتهالك، وهذه نصيحة لأي مجموعة ترغب في تأسيس بديل إسلامي جديد يتلاشى أخطاء تجربة من سبق!، وكلامي يبصر المستقبل لا الماضي، فنجاح نموذج في الماضي لا يعني بالضرورة تكراره مستقبلا فالنموذج مرتبط بالبيئة والبيئة متغيرة.. واذا تغيرت البيئة أصبح تغيير النماذج حتميا!! وإلا أضرت بأفكارها أيما ضرر..

إن "الإسلاميين" حين يدركون مدى انغماسهم في "السياسي" وإهمالهم الفكري والتربوي والدعوي، سيعلمون تدريجياً أنهم فعلوا كما فعل "الرماة"، إن حمايـة ظهرك تأتي من تلك الكتلة التي آمنت بأفكارك إيمانا حقيقيا.

وإن قوة أفكارك تكمن في تجددها ومتانتها ومساحة المؤمنين بها، فإن قدمت الإقناع السياسي على "الفكري"، وانشغلت بالتطوير الحزبي على الدعوي، كنت كمن كشف ظهره، بينما يعمل الآخرون على عمليات ممنهجة من الإرباك "الفكري" والعزل الدعوي لصفوف المنضمين لقوافلهم، وزرع العلمنة الناعمة بخطابهم الإعلامي والسياسي.

والخطر الحقيقي الكامن الآن ليس هو معارك السياسة، فهذه لن يهزم فيها الإسلاميون، ولمدة ليست بالقصيرة، بينما معارك الفكر هي الساحات التي يسقط فيها الآن آلاف من الجرحى والصرعي من الشباب، وبينما لا يستطيع الإسلاميون "تعميق التدين" وتجذيره، يستطيع غيرهم "تعميق العلمنة" وزرعها بشكل جيد.

إن تصنيفك كـ"إسلامي" ليس معناه الحقيقي أنك منضم لكيان "إسلامي" بل في حقيقته اقتناع بالفكرة الإسلامية وبجوهرها وبرساليتها، وإذا وجدت أن أغلب القواعد الشبابية المنضمين لكيانات إسلامية مرتبكون فكريا، وضمتهم الحماسة والعاطفة لصفوف المحاربين الجدد، فلا تأمن تلك الحركات والجماعات من تحول أولئك لأكبر خنجر في جسدها مع بداية اشتعال المواجهات الفكرية وتساقط أمام أبسط الشبهات.

إن إيجاد حالة إسلامية جديدة أمر في غايـة الأهمية، ولم أعد من أولئك المراهنين على "انهيار" كيان إسلامي لإحلال آخر مكانه، بل اقتنعت أن هذه الكيانات جزء من المكون الإسلامي ولكنها إن لم تطور نفسها تصبح لكونها جزء من المكون أحد أكبر أزماته.

إن الأفضل لهذه الكيانات تطويـر نفسها بالتوازي مع إطلاق حالة إسلامية "عامة" متحررة من الكيانات ذات النظام المغلق، فنحن نريد حالة إسلامية تغذي الناشطين بالأفكار، فيصبح عندنا ما هو أشبه بالنظام المفتوح في البرمجة.

إن أنظمة البرمجة المفتوحة "الأوبن سورس" هي أكثر الأنظمة شيوعا وانتشارا في المستقبل، وهي التي بإمكانها الاستفادة القصوى من إبداعات الجميع، ولا أطالب بحل الكيانات القائمة، فلكل كيان دور وظيفي وعمر محدد لن يطول إذا أصر على وضعه القدي.

أما في حالة تجديد قائمة الأهداف وتحويل النظام من "مغلق" إلى "مفتوح" سيشكل قفزة نوعية كتلك التي حققها "الاندرويد" في عالم برمجة الهواتف الذكية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق