الاثنين، 22 أبريل 2013

معذرة إلى الله عز وجل.... د/مجدي السعداوي

سنوات طويلة ندعو لدخول الاسلاميين فى السياسة.... آملين أن نُطبع السياسة بأخلاق الاسلام الكريمة... 
للاسف كثير من الاسلاميين تطبعوا بأخلاق السياسة القذرة.... وأصبحوا مثل القصة الشهيرة التى يضرب بها المثل: "الغراب الذي حاول أن يقلد مشية الحجل ففشل، وبعدما اقتنع بفشله حاول أن يعود... لقد أضاع الغراب مشيته الأصلية ولم يستطع أن يقلد مشية الحجل".

تعلمت منذ شبابى من إخوان أفتخر بتعلمى على أيديهم... أن الاسلام نظام شامل.. وشمولية هذا النظام تعنى أن يطبقه المسلم فى جميع نواحى حياته... لا يمكن أن تكون مسلم ذو خلق اسلامى كريم فى المسجد أو مع اصدقائك أو فى لقاءتك... ثم تتخلى عن أخلاقيات الاسلام داخل بيتك فتسب وتشتم وتجور وتظلم... لا يجوز أن تكون مسلم ذو أخلاق اسلامية كريمة مع أصدقائك ومؤيديك.. ثم تكون سافل وشتام وسباب ومخادع مع معارضيك... 

هذه الازدواجية المقيتة التى يحاول البعض أن يلوى عنق بعض الأحاديث أو الآيات لبيرر لنفسه أن يعيشها... هذه الازدواجية لم نعرفها فى شبابنا ولم يعرفها كثير من الاسلاميين قبل "الثورة"... ولكنها أصبحت مثل الفيروس الذى ينتقل بسرعة ليصيب الكثيرين... البعض يصاب بالمرض بشدة حتى لا تدرى عندما تستمع إليه أحيانا.. هل هذا الشخص يعرف معنى الأخلاق الأساسية فى الاسلام... والبعض يزداد مرضه حتى يظن أن سبابه وشتائمه وخيانته لعهده وخداعه للآخرين هو عمل سيثاب عليه.... والبعض تقل حدة المرض عنده فلا يفعل مثلهم ولكنه يرضى بما يفعلونه ويبرره لهم....

هذه الازدواجية المقيته فى التعامل مع الآخرين كانت من أسباب ضلال بنى اسرائيل... لقد فضلهم الله عز وجل على العالمين وبعث فيهم رسلا وانبياء فوصل بهم الأمر أن يعتبروا أنفسهم شعب الله المختار وأنهم أبناء الله وأحبائه.... وتعاملوا مع الآخرين على أساس: 
قوله تعالى: {ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل} يعنى ظلم غير اليهود مباح ولا إثم عليه، ورد الله عليهم {ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون}... الظلم وخلف الوعد وكل الأخلاق السيئة: إثم سواء فعلته مع من تحب أو مع من تكره.... سواء عملته من يؤيدك أو مع من يعارضك.

قال تعالى: "ولو قلتم فإعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا".... لا تكذب لتحابى صديقك... ووفاءك للعهد ليس وفاء لمن عاهدته ولكن وفاء لله عز وجل.

وقال تعالى: "ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" فالعدل حتى مع أعدائك.

أعلم أن كلامى هذا سيتوه وسط صخب السياسة ووسط الشتائم المتبادلة ووسط الأوامر والحشد والاستعداد وسن الألسنة وشحن النفوس.... 
أعلم أن البعض أصبح لا يحب الناصحين ويتعامل مع كل ناصح على أنه صاحب هوى أو متآمر أو عدو.....
أعلم أن البعض سيسمع ويمصمص شفتيه، وربما يعجبه الكلام لفترة ثم ينطلق على صفحته أو ينطلق فى حياته ليسب ويلعن ويعيش أحيانا كمسلم نظيف وأحيانا كسياسى قذر....

ولكنها: معذرة لله عز وجل... حتى لا يأتى البعض فى "يوم ربما يكون قريبا" ويعاتبنى أو يعاتب غيرى لماذل لم تنبهونا ولماذ لم تنصحونا.... هذا إعذار إلى الله... وما توفيقى إلا بالله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق