الأربعاء، 17 أبريل 2013

إرادة الله مع الإخوان.. ومع غيرهم .......... عماد الدين حسين

«نحن نظام جئنا بإرادة الله» هذه العبارة، قالها وزير الإعلام الزميل الفاضل الاستاذ صلاح عبدالمقصود خلال المؤتمر الدولى الأول بكلية الإعلام جامعة الأزهر صباح الأحد الماضى.
أعرف أن نوايا الوزير سليمة، لكن استخدام هذا الأمر فى السياسة سيؤدى إلى كارثة محققة لا فكاك منها.
الطبيعى أن كل شىء يحدث بإرادة الله، سبحانه وتعالى، وإذا كان فوز مرسى والإخوان ووصولهم إلى الحكم قد تم بإرادة الله فإن جلوس حسنى مبارك على قلب هذا الوطن ثلاثين عاما كان بإرادة الله أيضا.
وأظن أن الإخوان لا ينكرون أيضا أن هتلر وموسيلينى وسائر الطغاة من فرعون مصر إلى قذافى ليبيا إلى بشار سوريا قد جاءوا جميعا بإرادة الله.
الخطورة فيما قاله الوزير عبدالمقصود ويردده الكثير من المنتمين للتيار الإسلامى أن الذى يجىء بإرادة الله ربما لا يمكن أن يذهب ويرحل من الحكم بإرادة الجماهير والشعب.
إرادة الله غالبة ومتحققة فى كل الأحوال مع المؤمن والكافر، مع الإسلامى والليبرالى، والإخوان وصلوا إلى الحكم بإرادة غالبية المواطنين، وبالتالى فإن استخدام اسم الله فى الأمور الدنيوية المتغيرة خصوصا السياسية منها قد يؤدى إلى ضرر كبير لا يدركه من يستخدمه.
وحتى إذا افترضنا جدلا أن الوزير يقصد أن الله اصطفاهم على غيرهم باعتبارهم الأقرب إليه من عباده الليبراليين، فماذا سيحدث جدلا لو أن المعارضة المدنية او حتى التيار السلفى قد فازوا فى الانتخابات النيابية المقبلة.
أكثر ما نخشاه أن تتحول هذه الكلمات والعبارات البريئة إلى قوانين وأحكام بمشاركة بقية القوى الإسلامية، باعتبار ذلك ترجمة وإنفاذا لإرادة الله فى الارض.
الأكثر خطورة أيضا أن غالبية المنتمين للتيار الإسلامى لديهم يقين بأن المعارضين لهم هم يعارضون الإسلام نفسه، وبالتالى فإن أية إجراءات عنيفة ضدهم، أو تضييق سياسى عليهم، سيجد تفهما كبيرا لديهم.
هؤلاء اكتووا بنار نظام مبارك، وظن كثيرون أن ذلك سيجعلهم ضد أى تسلط أو استبداد أو انتهاك لحقوق الإنسان بغض النظر عن مرتكبها.
هل ما قاله الوزير عبدالمقصود كان مجرد عبارة عادية أم أنه سياق متكامل نكتشف جزءا من تفاصيله كل يوم؟!.
أتمنى أن تكون عبارة عادية لكن المشكلة أن إصرار غالبية أعضاء التيار الإسلامى فى مجلس الشورى على تقنين استخدام الشعارات الدينية فى الانتخابات لا يبشر بأى خير، ويشير ربما إلى وجود مخطط متكامل يصبغ كل شىء بالصبغة الدينية.
وقبل أن يتهمنى البعض بالعلمانية والكفر والمروق من الإسلام، أقول لهم: أرجوكم تمهلوا قليلا، وتذكروا أن لدينا فى مصر الآن حوالى ثلاث قوى على الأقل تقول إنها ذات مرجعية إسلامية ولا نعرف من منهم الذى يمثل الاسلام؟!.
يا أيها الناس كلنا مسلمون، نؤمن بالله وبرسوله، لكن نحن نتحدث عن بناء وطن واستعادة مجد أمة.. وحتى لو صدقنا أنكم تريدون بناء امة إسلامية، فنحن نسألكم ببساطة: نريد برامج محددة وواضحة ومجدولة عن كيفية البناء والتقدم والازدهار.. أما الهروب إلى الشعارات فقط فلن يصمد طويلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق