الأربعاء، 24 أبريل 2013

فلنثق بأنفسنا! ............. مصطفى كمشيش

حينما قُطعت الكهرباء منذ عدة سنوات لساعات قليلة في إحدى الولايات الأمريكية, كادت عمليات النهب والسطو والسرقة والرعب أن تقضي على الولاية... وحين ضرب إعصار ساندي الولايات المتحدة نشرت وسائل الإعلام الأمريكية أخبارًا عن عدة حوادث نهب وسرقة في نيويورك ونيوجيرسي في الوقت الذي عانى فيه المواطنون من الأضرار التي تسبب فيها الإعصار, كما أفادت صحيفة نيويورك بوست أنه تعرضت للسطو والنهب كثير من المحلات التجارية ومحطات الغاز في شبه جزيرة روك أوي في نيويورك وجزيرة كوني. كما ذكرت الصحيفة أن شرطة نيويورك سيتي شددت دورياتها في المناطق المنكوبة بإعصار ساندي، ونفذت عمليات مفاجئة في أنحاء المدينة... وغير ذلك كثير, في أكبر دولة في العالم لديها أقوى جيش وأقوى جهاز شرطة FBI وأقوى جهاز مخابرات CIA..
مصر المحروسة
نحن لا نعاني من تعصب مُفرط للوطن  chauvinism- لكننا نعرض حقائق تعكس معنى (مصر المحروسة) من ربها, ثم من شعبها, فقد قال الله تعالى في سورة يُوسُف (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)...
وقد سار على أرضها إدريس ويوسف وموسى وعيسى والعذراء وغيرهم من خير خلق الله, لقد أدار شئونها يوسف (عليه السلام) ففاض خيرها على غيرها من البلدان..
وفي زمن المجاعة التي ضربت المدينة المنورة أرسل عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص (حاكم مصر) طلبًا للغوث والنجدة, فقال له سأرسل لك مددًا أوله عندك (في المدينة) وآخره عندي (في مصر) تعبيرًا عن ضخامة المدد.. وغير ذلك كثير لا يمكن لمقال أن 
يحصيه.. 

شعب يصنع المعجزات
كان عبد الناصر يقول ولا يفعل (قال سنلقي إسرائيل في البحر فألقت به خارج سيناء بأكملها), لقد استطاع الصهاينة أن يحتلوا الجولان من سوريا والقدس من الأردن وسيناء وغزة من مصر (حيث كانت غزة تحت الإشراف المصري).. وإنهار الجيش المصري بفعل الإهمال والاستبداد والظلم والفساد وسوء الإدارة, ضُربت الطائرات المصرية على الأرض في مرابضها وترك الجنود الدبابات والمدفعية ولاذوا من سيناء بالفرار سيرًا على الأقدام, لم يعد في مصر جيش إثر هزيمة يونيه 1967.. فمن الذي حمى مصر؟ حماها ربنا, ثم شعبها العظيم المتحضر.. فلم يجرؤ الصهاينة على مواجهة الشعب المصري بعد أن قضوا على جيشه.. ثم استطاع الشعب العظيم أن يُعيد بناء جيشه في زمن قياسي, وفي السادس من أكتوبر 1973  عبروا القناة, ودحروا الغزاة, ودوت فوق ربوع سيناء صيحات (الله أكبر) فزلزلت حصون العدو وأرهبته, وأبكت قادته فهرعت أمريكا لنجدته..

وحين أذهل الشعب المصري العالم بثورته في 25 يناير 2011  مما دفع أجهزة إعلام العالم كله تتفرغ لمتابعة الحدث في بث يومي على مدار الساعة, وقدم المصريون نموذجًا جديرًا بالتقدير والاقتداء, وخرجت المظاهرات في كثير من دول العالم تؤيد الشعب في ثورته وهم يرفعون شعارات (فلنكن كالمصريين!!)..

في 28 يناير انهارت الشرطة المصرية كما انهار الجيش المصري في يونيه 1967.. فمن الذي حمى مصر؟  حماها ربنا وقام الشعب المصري بحماية مُقدرات الوطن كما قام بحماية حدوده في 1967 م.. فلم نشهد اعتداءً على مسجد أو كنيسة أو مؤسسة أو بنك إلا ما كان من فلول نظام, وهنا اتضح للمصريين من المسئول عن إثارة الفتن ورعاية البلطجة والإجرام. 

حقٌ لنا أن نفخر بوطننا حين نعرف أن بعض السفارات الأجنبية ترسل تقارير إلى وزارات خارجيتها تقول: نحن في عجب وذهول مما يحدث في مصر, فبعض وسائل الإعلام تُظهر أن مصر لا أمان بها حين يتم التركيز على بعض البؤر المتوترة صغيرة العدد والتأثير والمحدودة جدًا في أماكنها, ولكن الإعلام يُصدر للناس تضخيمًا لها.. بينما الحقيقة تعكس أن المصانع والبنوك والشركات والمؤسسات تعمل, والطرقات وإن كانت في زحام إلا أن المركبات تسير, والموانئ الجوية والبحرية تستقبل القادمين والبضائع المستوردة, ويسافر المسافرون وتنقل البضائع المصدرة, والناس تأكل وتشرب وتتعلم وتذهب للمستشفيات وتتسوق وتتنقل من مكان لآخر وتنام في آمان عجيب في ظل غياب كبير لمؤسسة الشرطة (والتي لم تعد تعمل بكفاءة حتى الآن بعد مرور أكثر من سنتين), وأفادوا أن معدل الجرائم وسرقة السيارات والمحلات والأشخاص والمنازل وإن كانت موجودة إلا أنها في أدنى حدودها حين يتم مقارنتها مع دول أخرى تعمل فيها الشرطة ليل نهار... 

دولة لن تسقط.. ووطن لن ينهار 
من قام بالعنف أو حرض له لا يعبر عن جموع هذا الشعب الطيب الكريم, إننا قد نجد مواطنًا يأكل قطعة من الجبن مع بصلة صغيرة في حقله, أو ساندويتش من الفول في مصنعه, أو يجلس على الرصيف ممسكًا ببعض أدواته في انتظار من يأتي إليه ليحفر له أرضًا أو يهدم له سورًا أو ينقل له مواد البناء لكننا نجده في أغلب الأحيان أعظم وأكثر تحضرًا من مواطني البلاد الغنية المتقدمة, ولم لا؟ وهو يختزن قيم دين يعرف منها الحلال والحرام, كما يختزن تراث حضاري عبر آلاف السنين, بما يعكس أمرًا يُشبه اليقين أن هذه الدولة لن تنهار وأن هذا الوطن لن يسقط... وأن المرجفين في الداخل والخارج لن يزحزحونا عن إيماننا بربنا ثم بشعبنا قيد أنملة.. فالله سبحانه تحدث عن أمنها, وعكس الشعب المصري في كثير من مواقفه تحضرًا أذهل كثيرًا من المراقبين في شتى أنحاء العالم...

نحن في أزمة؟:(نعم).. لدينا سوء أداء إداري على كل المستويات؟:(نعم).. غابت الرؤية والخيال؟: نعم.. نستحق أفضل من هذا؟:(نعم).. يتآمر على الوطن قوى من الداخل والخارج؟:نعم...

لكن ربنا أخبرنا أنه:(ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله – فاطر 43), فلن يرهبنا كيد الكائدين ولا مكر الماكر ولا خيانة الخائنين, لكن الذي يزعجنا فعلًا هو (سوء الأداء), وهو محل نظر الله, لأنه (سبحانه) قد يحجب النصر والتوفيق لا بسبب قوة ومكر الأعداء والخصوم ولكن بسبب تقصيرنا..

فلا أمريكا ولا الصهاينة بقادرتين على احتلال مصر أو تركيعها أو تجويعها, ولا الفلول بقادرين على العودة إلى الحكم, ولا الجيش براغب في السلطة, ولا بعض دول الإقليم بقادرة على تغيير مصر؟ فمما نخاف؟ ومما نرتبك؟
إننا قادرون على تجاوز أزماتنا وإنجاح ثورتنا وانجاز أهدافها, من خلال الاعتماد بصدق على ربنا, وإنكار الذات وتحقيق شراكة وطنية معتبرة ومن المهم أن تعكس مواقفنا أننا نثق في أنفسنا لنحقق الارتقاء بعملنا (حكامًا ومحكومين) وعلى حكامنا مسئولية أكبر من غيرهم بما يملكونه من سلطة وأدوات, فإذا فعلنا, فإننا سنكون (بصدق) قد أطعنا ربنا ووفينا بحق بني أوطاننا..
---------------------------------
- See more at: http://www.almesryoon.com/permalink/124321.html#sthash.4mhZ1f0f.dpuf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق