الثلاثاء، 9 أبريل 2013

هل نحن طائفيون؟..... معتز بالله عبد الفتاح

أولاً، ما معنى الإنسان الطائفى؟

الإجابة إنه الإنسان الذى ينظر للآخرين بدونية واحتقار ثم ينتقص من حقوقهم، لأنهم ينتمون لمجموعة بشرية أخرى تختلف معه فى الدين أو لون البشرة أو اللغة أو الجنس. وهى عادة ما ترتبط بمفاهيم أخرى مثل العنصرية والمذهبية والتعصب والتحزب والتشيع. ووارد أن ينفر الإنسان من آخرين بسبب أفعالهم الطائفية أو العنصرية أو الإجرامية ما دام يفرق بوضوح بين رفضه للفعل الطائفى والإنسان الطائفى؛ فالرفض ليس للإنسان ولكن للفعل الإنسانى غير السوى.

ثانياً، هل نحن طائفيون؟

أستشعر أننا عندنا هذه النزعة السلبية فى تعاملنا مع بعضنا البعض وفى تعاملنا مع الآخرين من غير المصريين. بل أزعم أنها مسألة تاريخية تظهر آثارها فينا فى بعض اللحظات التى نرى فيها معركة بين أسرتين أو عائلتين فى الريف، ولكن حين تكون هاتان الأسرتان من ديانتين مختلفتين نضيف للموضوع بُعداً دينياً فيبدو الأمر وكأنها معركة بين المسلمين والمسيحيين، وهذا غير حقيقى بالمرة، لأن بعض المسلمين يقتلون بعض المسلمين لأسباب مختلفة، وبعض المسيحيين يقتلون بعض المسيحيين لأسباب مختلفة.

وأستشعر هذا الأمر أكثر فى نظرة الذكور للإناث والتبرير غير المنطقى وغير الشرعى للاعتداء على حرمة الجسد، وكأن الأصل أن جسد الفتاة مشاع، وهذا ما يجعل هذا النوع من التحرش أسوأ أنواع الطائفية الجنسية، لأنه يقوم على «تشيىء» المرأة أى تحويلها إلى «شىء» دونما اعتبار لكرامتها وحقها فى حياة آمنة.

والطائفية تأخذ شكل التعصب المذهبى داخل الدين الواحد. وتروى لنا كتب التاريخ كيف أن بعض الحنابلة منعوا دفن خطيب جامع المنصور فى مقبرة الإمام أحمد لأنه شافعى، فثارت فتنة شديدة.

وهو ما حدث أيضاً فى أصفهان بين الشافعية والحنفية فى سنة 582 هـ، بسبب التعصب المذهبى الذى وصل إلى ما يشبه حرباً أهلية استمرت شهوراً بين الطائفتين من القتل والنهب والدمار، ما يجل عن الوصف، كما تقول كتب التراث.

ويضاف إلى ذلك الطائفية الحزبية التى انتشرت فى مصر مؤخراً لدرجة المكايدة السياسية على حساب الوطن.

ولا شك أن الصراع ضد الطائفية والعنصرية تاريخى وشهدت بعضاً من فصوله مجتمعات أخرى عانت حروباً طائفية وعنصرية استمرت عقوداً (الحروب الدينية فى أوروبا استمرت ثلاثين عاماً)، ولكن يظل السؤال كيف تخلصت بعض المجتمعات من هذه الطائفية والعنصرية لحد كبير، ولا تزال مجتمعات أخرى تعانى من هذه الطائفية والعنصرية ويبدو أنها لن تشفى منها إلا بعد جهد جهيد؟

قل ما الجهة القائمة على محاربة العنصرية فى الدولة والمجتمع، وأنا أقول لك لماذا هى ناجحة أو غير ناجحة. إذا تفرقت القضية بين القبائل واللجان والاجتماعات ولم تؤخذ بالجدية الكافية فستظل هذه الأمراض الثقافية والفكرية موجودة بل وستنتشر أكثر لأن مناعة الجسد الثقافى تضعف بل بمرور الوقت سيدمن المجتمع الطائفية ويظنها أنها هى الأصل فى الأمور. لو أننا فى وضع طبيعى، لكان هذا الملف على قمة أولويات مساعد رئيس الجمهورية للشئون الثقافية والفكرية أو نائب رئيس الوزراء للتحول الديمقراطى. وطبعاً هذان المنصبان غير موجودين. ولكن على سبيل الحلم، واستفادة من تجربة جنوب أفريقيا، كان الأولى بهذا الملف أن يكون على قمة أولويات الرئاسة وأن تتحرك فى ثلاثة اتجاهات:
  • أولاً، خلق ثقافة قائمة على الرفض التام لكل أشكال الطائفية والعنصرية من خلال توضيح عيوبها وآثارها السلبية على المجتمعات التى تظهر فيها. هذا يحتاج درجة عالية من التنسيق بين مصادر الخطاب الثقافى فى مصر: إعلام، تعليم، منابر، كنائس وهكذا.
  • ثانياً، إنشاء نظام للرصد المبكر لبؤر وأماكن الطائفية والتعامل مع المشاكل قبل أن تصل إلى حالة الأزمة.
  • ثالثاً، لا بد أن يتم تجريم الخطاب الطائفى القائم على التكفير والكراهية والسب والقذف للآخرين والتفرقة بين كل هذا وحرية الرأى وفقاً للقواعد القانونية المستقرة دولياً التى أخذت بها العديد من الدول وطبقتها بما فيها دول مسلمة أخرى.
إذن، نحن نعانى خللاً شديداً فى قيمنا الثقافية وهذا يعنى أننا بحاجة لنخبة جديدة وثقافة جديدة ورؤية جديدة. والأصل فى هذا أن يبدأ من قمة هرم الدولة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق