الجمعة، 31 ديسمبر 2010

الغنوشي: الحرية أكبر مطالب الإسلام السياسي (3-5)

في حواره مع إسلام أون لاين راشد الغنوشي (3-5)
الغنوشي: الحرية أكبر مطالب الإسلام السياسي
 أجرى الحوار: وحيد تاجــــا
    يتحدث المفكر الإسلامي وزعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي في هذه الحلقة من حواره الشامل مع إسلام أون لاين عن التجارب الإسلامية التي وصلت إلى سدة الحكم، فيستعرض التجربة السودانية معتبراً أنها فشلت فشلاً ذريعًا، كما تحدث عن التجربة الأفغانية في عهد المجاهدين وخلال حكم حركة طالبان.
 وتوقف طويلا عند التجربة التركية معتبرا أنها الأفضل بين التجارب الإسلامية الحديثة.
 كما تطرق الحديث مع المفكر الإسلامي التونسي إلى الإسلام السياسي ومدى تعارضه مع الإسلام التقليدي، وإلى جدوى مؤتمرات حوار الأديان التي تنظم في السنوات الأخيرة.
 نص الحوار
 التجربة الأفغانية
 * حدثنا عن رؤيتك لممارسة الإسلاميين على صعيد الحكم؛ سواء في تركيا أو في غيرها من البلدان التي تولت فيها الحركات الإسلامية تسيير شؤون البلاد ؟
 ** هناك ثلاث تجارب يمكن الإشارة إليها على صعيد ممارسة الإسلاميين الحكم، أولها التجربة
الأفغانية - إن في عهد المجاهدين أو في عهد طالبان - ورغم ظروفها الخاصة فهي في العموم شهادة ليست بحال لأصحابها ولا للإسلام، وإنما شهادة مضادة وخصم من الحركة الإسلامية المعاصرة وليست بحال إضافة. والأسباب ليست بالغة الخفاء وتتمثل أساساً - إضافة إلى المعوقات الخارجية- في طبيعة الساحة التي تحرك فيها الإسلام هناك، وهي ساحة تتسم بالتمزق القبلي والطائفي والتخلف الاجتماعي والثقافي ولم تكن التشكيلات الحزبية التي حكمت في المحصلة غير نتاج لطبيعة التخلف السائدة، فالمجاهدون انحاز كل منهم للعرق والقبيلة.
 فقلب الدين حكمتيار ناصر الباشتون، وشاه مسعود رحمه الله مالَ للطاجيك، فكانت حرباً قبلية تغذيها القوى الدولية والإقليمية. الباكستان وراء حكمتيار؛ والهند وروسيا وراء شاه مسعود والشعب الأفغاني هو الضحية، فكانت إسلامية الفريقين غاية في القشرية.
 واستُخدم الإسلام استخداماً توظيفياً، وأثبتا عجزاً فاضحاً في مستوى التدين وكذا في مستوى السياسة الحديثة، إذ راهن كل منهما على الانفراد بالأمر جملة في مجتمع متعدد الأعراق والملل.
 لقد شهدا على عقم موروثنا في السياسة الإسلامية، وأثبتا العجز عن إدارة التعدد سلمياً والرهان على السيف سبيلاً لإلغاء التعدد، وكان من عدل الله أن يسلط عليهما قوة تزيحهما معاً، عندما جاءت جماعة طالبان التي كانت عقائديتها أعمق منهما، وكذا تفاعلها مع تراث البلد الديني.
 فهم طلبة علوم دينية أي هم القيادة الدينية الشرعية في البلد؛ ولذلك سهل عليهم اجتياح كل من وقف في وجههم، إلا أن مشروعهم كان غاية في البساطة إلى حد السذاجة، بينما يتعاملون مع عالم معقد ومجتمع متعدد ومن وراء كل فريق مصالح إقليمية ودولية لم يلق لها طلبة العلم الديني الطيبون بالاً، فكان مشروعهم جمع البلد كله فوق نقطة واحدة هي الإسلام كما صاغته العصور الخوالي، ومن خلال رؤية مذهبية ضيقة ليس وراءها في معتقدهم إلا الضلال والكفر، وهو نهج شاذ عن سنة الله في خلقه، " وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (*) إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ….".
 وهكذا سرعان ما تَصَرَّمَ الأمر، فكثر أعداؤهم في الداخل والخارج بسبب ضيق أُفقهم وتصورهم لإسلام مستل من بطون أسفار كتبت في القرون الخوالي، أحسنوا الظن في كفايتها لتنظيم دولة حديثة ولإدارة مجتمع معقد والتعامل مع تحديات عالم متربص ومتشابك.
 ومن ضيق أفق طالبان أن مشروعهم الإسلامي لا يكاد يتضمن شيئاً؛ غير قائمة من المحظورات، كالخمر والميسر وحلق الذقون وشغل المرأة وتعليمها، حتى إذا أنجزوا ذلك لم يجدوا غير الفراغ فشنوا حرباً على الأحجار المنحوتة منذ القرون الخوالي في الجبال ومرت من عندها أجيال من المسلمين لم يفكر أحدهم في محاربتها.
 ومن بساطتهم وضيق أفقهم فتحهم البلاد لجماعات المجاهدين الذين لفظهم النظام الدولي بعد أن قضى وطره منهم وعقدوا معهم العهد، فلما طولبوا بتسليمهم لمعاقبتهم على ما اقترفوا تمسكوا بما قطعوا على أنفسهم من عهد فكانت نهايتهم، وكان حالهم شبيهاً بقوم مكثوا مئات السنين في كهفهم ثم غادروه؛ وتمكنوا من دخول المدينة وفرضوا عليها حكمهم بحسب ما استقر في ثقافة القرون الغابرة. إن السنن غلابة ومنها سنة التطور " وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً".
 التجربة السودانية
 * وماذا عن التجربة السودانية ؟
** للأسف، فشل التجربة السودانية أمر واقع، وهل يُتوقع ممن فشل في إدارة الحوار في صلب جماعته، أن ينجح في التوافق مع جماعات طالما أعلن عليها الجهاد؛ ولم يدخر وسعاً في التعبئة ضدها وتضليلها وتخوينها والحلف جهاراً نهاراً أمام الملأ أنه لن يعيد تلك الأحزاب الطائفية!؟ هل يتوقع ممن أسس مشروعه على استبعاد الآخرين والانفراد بالسلطة ونظّر لذلك ورتب عليه أمره أن يتراجع عن ذلك ويتحول إلى ديمقراطي يحترم حقوق الآخر ويفي بما يعاهد عليه؟
 إن الفشل في هذه التجربة خلافاً لسابقتها مثير للغرابة وحتى للاستهجان، مع أن المشروع الإسلامي يتحرك هنا أيضاً في بيئة ممزقة، وفي وطن لم يستكمل مقومات وجوده بعد، ما جعل بنيان الدولة هشاً، فالدولة ليست هي محور الاجتماع وإنما القبيلة والطائفة واللون.
 ورغم شدة المكائد الدولية والإقليمية وتشابك المصالح وتصادمها، فالثابت أن المشروع الإسلامي في السودان - وإن كانت له بعض الإنجازات كنجاحه في استغلال ثروة البترول رغم العرقلة الأمريكية، ومثل توسيع دائرة التعليم وتعريبه، ومثل وقف زحف التمرد بل دحره في مواقع كثيرة- ربما صنع توازناً مع التمرد أقنعه بضرورة التفاوض والرضى باقتسام البلد وإطفاء حريق لم يعد مقبولاً استمراره بجوار حقول النفط الواعدة والتي تتعلق بها مصالح دولية ضغطت على الجميع لإطفاء الحريق والقبول بقسمة السلطة، بينما كان كل من التمرد وجماعة الإنقاذ طامعاً في الانفراد بالأمر كله. إلا أن النجاح المنجز في الاتفاق مع التمرد لاقتسام السلطة والثروة معه على أهميته لا يعني في المحصلة حسماً للداء من أساسه ما استمر فشله في اقتسام السلطة مع بقية المكونات الرئيسية للبلد عبر الحوار والتفاوض توصلاً للإجماع الوطني.
 إن البلد اليوم أشد انقساماً من اليوم الذي استولى فيه الإنقاذ على السلطة، وكأن الجسم الوطني السوداني يتفجر من جميع أجزائه عنفاً وتمرداً على السلطة المركزية، وقد استقر في ذهن جميع الفئات أن السلطة لا تفاوض إلا من يحمل السلاح، حتى إن زعيم أكبر حزب بالبلد الصادق المهدي هدد بحمل السلاح إذا لم يلق من الحكم ما يستحق، وهو ما أغرى أيضاً جماعة المؤتمر الشعبي رفاق الدرب وقد أقصوا ولوحقوا بالطرد من الإدارات وتجريدهم من كل مركز قوة هم فيه من قبل إخوانهم متهمين بأنهم وراء فصائل من التمرد في دارفور، وقد يلامون إن هم فعلوا ذلك ولكنَّ لصاحب الحق مقالاً.
 * هل تبرر الظروف الداخلية والخارجية الصعبة التي عمل فيها المشروع السوداني فشله؟
 ** صعب أن يُلتمس لهذا الفريق من الإسلاميين ما يُلتمس لجماعة طالبان من الأعذار؟ لأن هذا الفريق لم يخرج لإدارة الدولة الحديثة من بطون التاريخ ومدارس التقليد الفقهي، بل هو فريق حديث متخرج من جامعات حديثة مقدَّرة، مستوعب للعصر، تأسس على تصور إسلامي إصلاحي وليس تقليدياً.
 هو فريق تقلب في شؤون الإدارة والحكم، وزراء وبرلمانيون ومدراء لشركات وبنوك، فكيف سولت لهم أنفسهم بعد أن نجحوا في الانقلاب على الآخرين أن ينفردوا بحكم السودان وإلى الأبد!؟ مراهنين كأي جماعة من جماعات الحداثة العلمانية (وهم الإسلاميون) على الاستيلاء على الدولة والانفراد بها واستخدام مؤسساتها الحديثة في تفكيك بنية المجتمع بحسبانها متخلفة طائفية أنتجت كيانات سياسية طائفية تقليدية، فلتحل، وليخضع الشعب لمبضع الجراح الحداثي الإسلامي يفككه؛ سبيلاً لإعادة تركيب هويته بحسب الأنموذج الذي نريد، وذلك عبر بسط التعليم على أوسع نطاق لا بتقدير العلم قيمة في ذاته أو سبيلاً للنمو وإنما أداة سياسية لتقويض بنية الكيانات التقليدية المنافسة رهاناً على صنع هوية جديدة للشعب.
 ذلك هو الرهان الأساسي لمؤسس المشروع الدكتور حسن الترابي الذي طالما شكا وردد تلاميذه شكواه من تغلغل الطائفية في بنية المجتمع السوداني، ما جعل أحزاباً متخلفة في رأيهم مثل الاتحادي والأمة تعتصم بقواعد لها شعبية واسعة، فشلت حداثة الشيوعيين كحداثة الحركة الإسلامية في تقويضها اللهم إلا ما انتزعته منها عبر التعليم، فلتمتد الجامعات في كل أرجاء البلاد، وليستولي أبناء الحركة الإسلامية على كل مراكز القوة والنفوذ الأمني والعسكري والتعليمي والإعلامي والاقتصادي بخلفية تفكيك تلك البنية الاجتماعية المتخلفة سبيلاً لإعادة تشكيلها.
 إنه رهان كل صنوف الحداثات القومية والوطنية والشيوعية نفسه، رهان على الدولة محركاً للتغيير بخلفية احتقار وعي الشعب كما هو في الواقع، ودمغه بالتخلف وبالرجعية والطائفية بما يسوِّغ إخضاعه للجراحات الضرورية.
 غير أن حسن الترابي ليس فقط رجل دولة حديثة تحتل الدولة مركز فكره مثل سائر الحداثيين، ويسهل عليه تسويغ ما تقرره الدولة من جراحات على الجسم الاجتماعي المتخلف بما يقيم شبها بينه وبين ناصر وسوكارنو وبورقيبة وصدام والقذافي بل إنه أيضاً حقوقي ومناضل من أجل الحرية ومن أجل المبادرات الفردية وسلطة مؤسسات المجتمع المدني والشورى والديمقراطية، وهو كلما اصطدم مشروعه الحداثي للدولة بصعوبات حقيقية هنا أو هناك تذكر الجانب الآخر من شخصيته مدافعاً عن الحرية والشورى ومبادرات الفرد والمجتمع فيهم بالنهوض من كبوته ليصلح ما أثمر تدبيره ومشورته من مفاسد وإخلال، ولكن يكون الوقت قد فات.
 فالدولة الحديثة ليست لعبة يستخدمها هذا أو ذاك ثم يلقي بها جانباً، إنها كفيلة بصناعة رجالها المرتبطين بها مصيرياً والمستعدين لأن يفعلوا كل شيء من أجل استمرار سطوتها واستمرار المصالح الخاصة للرجال الذين ظنوا أنهم يوظفونها فوظفتهم.
 ولقد أحسن الترابي التعبير عن هذه الحقيقة في قناة الجزيرة إذ قال: «لقد أرسلنا رجالنا إلى الدولة لتوظيفها، فلما اختلفنا معها انحازوا إليها وتركونا».
 لقد أدرك الترابي المأزق الذي قاد إليه مشروعه والمتمثل في تحويل مشروع إسلامي يبشر بالحرية والشورى ويقود حركة التجديد في الحركة الإسلامية المعاصرة في اتجاه التأصيل لسلطة الشورى والمؤسسة وسلطة المجتمع المدني، تحوّل ذلك المشروع إلى حكم سلطوي قامع وتحولتْ طائفة كبيرة من رجاله إلى رجال دولة في حكم مستبد، يزاحم كثيرٌ منهم لنفسه ولأسرته على المشاريع التجارية والشركات والمناصب والمصالح، ويبذلون ما بوسعهم للاستئثار بالمناصب والمصالح لأنفسهم وأبناء قبائلهم.
 لقد عزم على العود بمشروعه التجديدي إلى أصله وربما الوصول إلى غلق القوسين اللذين فتحهما الانقلاب والقبول بمشاركة الآخرين ضمن احترام آليات الحكم الديمقراطي المتعارفة، فسن لذلك دستوراً لدولة تعددية تحترم فصل السلطات بل توزع فيها السلطات على نطاق واسع على الولايات فتكون لها برلماناتها المنتخبة وتنتخب حكامها، وبدأ التداول حول هذا الدستور إلا أن القائمين على الدولة من تلاميذه أدركوا أن المشروع يتجه إلى سلبهم سلطاتهم المطلقة فرجوه إرجاء المشروع إلا أنه مضى إلى البرلمان الذي يترأسه مستهيناً بما غرست يداه، فوجد أبواب البرلمان موصدة وأبواب السجن مفتّحة تحتضنه.
 ذلك هو المشروع الإسلامي في السودان؛ هو امتداد لعجز أصيل في تاريخنا السياسي، العجز عن إدارة الاختلاف سلمياً والمسارعة إلى سيف الحَجاج، أو أدوات الدولة العنفية والإقصائية لإقصاء الآخر، ولم تشذ تجارب الحكم في بلاد العرب - خصوصاً - على اختلاف إيديولوجياتها من ليبرالية واشتراكية وإسلامية عن هذا النهج بما يؤكد استمرار فعل التاريخ فينا جميعاً بالمسارعة إلى نقل الاختلاف من مستواه السياسي - وكل منازعاتنا الكبرى كانت خلفياتها سياسية تنازعاً على السلطة - إلى ضرب من ضروب تكفير الآخر، فإذا كانت الثقافة الدينية هي السائدة فالمخالف ضال أو مبتدع أو كافر أو خارجي أو صاحب فتنة.
 وإذا كانت الثقافة السائدة ثقافة وطنية فهو خائن للوطن، وإذا سادت الثقافة التقدمية فهو رجعي عميل للإمبريالية، وكلها ضروب من التكفير تهرباً من مواجهة الحقيقة التي تقول إن اختلافنا حول السلطة ولكن ليس بأدوات سياسية سلمية تعترف بالتعدد وبحقوق في الوطن متساوية وفي حق المشاركة في السلطة.
 التجربة التركية
 * وكيف يمكن الحديث عن التجربة التركية لاسيما بعد ما تشهده من امتداد في ظل قيادة أردوغان، وما مبرر اعتبار هذه التجربة إسلاميةً، مع أنها لم تحمل - مثل غيرها - مشروعا لتطبيق الشريعة الإسلامية؟
 ** يمكن الحديث عن التجربة التركية إن في عهد نجم الدين أربكان مؤسس الحركة أو في عهد تلميذه أردوغان. ويمكن تناول هذه التجربة من خلال النقاط التالية:
 - إن مبرر اعتبار هذه التجربة إسلاميةً مع أنها لم تحمل مثل كثير من أخواتها مشروع تطبيق الشريعة الإسلامية هو أن إسلامية مشروع للحكم لا يتحدد بحجم ما يطبقه أو يدعو إلى تطبيقه من البرنامج الإسلامي، ذلك أن الإسلام ولئن كان منهج حياة شاملاً من حيث المبدأ فهو عند التطبيق يخضع لقانون الممكن " لا يُكَلفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها"، وفي الحديث: (ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم).
 - وإنما تتحدد إسلامية مشروع بما يعلم عن حَمَلَتِهِ مما يحملون من معتقدات وما يتربون عليه من قيم وأخلاق والتزامات وما ينسبون أنفسهم إليه من مذاهب وأيديولوجيات. وهذا الأمر - إذا نحن نأينا بأنفسنا عن الجدل العقيم واقتربنا من العرف السياسي - كفيل بأن يدلنا بوضوح وبكل يسر على تصنيف واضح متعارف عليه بين عامة الناس وخاصتهم؛ تصنيفٍ للأحزاب الرئيسية ونوعية الأيديولوجية القائمة عليها.
 فإذا أطلق اسم الحركة الإسلامية في مصر، فسينصرف أولاً إلى الإخوان المسلمين، وإذا أطلق في اليمن سينصرف إلى الإصلاح؛ وإذا أطلق في تونس فسينصرف إلى النهضة؛ وإذا أطلق في تركيا سينصرف إلى هذا التيار الذي ظل يتبلور منذ أربعين سنة على يد أربكان وتلاميذه ومن أشهرهم أردوغان.
 فهذه مدرسة متميزة في التيار الإسلامي عرفت من بين المنتظم الإسلامي التركي بمرجعيتها الإسلامية وهي تصرح بذلك ضمن السقوف التي تتحرك تحتها ومنها السقف العلماني، حيث لا يسعها أن تتحدث عن الإسلام أكثر من كونه ثقافة وتراثاً. فهل تسلب عن أهلها الصفة الإسلامية مع ما عرفوا به وأوساطهم الأسرية من حرص على الالتزام بأخلاقيات الدين وشعائره وإيمانهم بمشروعه الشامل؟ ولم يعرف عن واحد منهم طرحه لنظرية في الإسلام تنكر جزءاً من شريعته وتنقل ممارستها الإسلامية المحدودة بسقف العلمانية، إلى تنظير ينكر الشريعة، ومن ادعى ذلك فليأتنا بنص واحد صادر بيقين عن رمز من رموز هذا التيار.
 هل لأنهم عندما حكموا لم يطبقوا كل المشروع الإسلامي تسلب عنهم الصفة الإسلامية؟ ومن ذا الذي يقدر أصلاً على تطبيق الإسلام كله في زمن هذا الاستضعاف!؟ وهل كلفنا الرحمن الرحيم بما يرهقنا ويتجاوز ما نطيق؟ كلا. هل تسلب الصفة الإسلامية عن الزعيم البوسني عزت بوغوفيتش رحمه الله لأنه حكم فلم يطبق الشريعة؟
 هل يعامل الطيب أردوغان وحزب العدالة بالتقدير نفسه الذي يعامل به أستاذه أربكان من حيث إنهما زعيمان إسلاميان؟
 لا مسوغ للخوض في الخلافات التي لا تمس جوهر المشروع الإسلامي والتي أفضت إلى انفصال غالبية الحزب عن المؤسس. إن انشقاقاً بهذا الحجم لا يمكن إلا أن تكون له مبررات موضوعية.
 ورغم أن قيمة الوحدة راسخة في قيم الإسلام وفي هوى كل مسلم إلا أن الاختلاف بين البشر سنة ثابتة وعلينا معشر المسلمين أن نروّض أنفسنا ترويضاً على النظر إلى الاختلاف على أنه سنة ثابتة وليس شذوذاً عن الفطرة التي فطر الله عليها الخلق، وأنه إذا كانت الوحدة مطلوبة وهي الوجه الآخر للتوحيد فهي ليست تلك الوحدة البسيطة الصماء التي لا عوج فيها ولا أمتا؛ فذلك مما تفرد به المولى سبحانه، إنه الواحد الأحد أي واحد من كل وجه، بينما الوحدة التي انتدبنا إليها الشارع ولا بد أن نسعى إليها هي وحدة نسبية؛ أي وحدة فيما نتفق عليه مع بقاء أوجه للاختلاف يعذر بعضنا بعضاً فيها ونتراحم فيها.
 وطالما نقلنا موروثنا الفقير في ثقافة الاختلاف وإدارته سلمياً من الوحدة الصماء إلى القطيعة والاستنفار للتحارب كلما اختلفنا. ولو أننا تركنا اليوم جانباً ما يرمي رفقاء الدرب الإسلامي في تركيا بالأمس بعضهم بعضاً، وتفحصنا ملياً فروق السياسات التي سلكها الأستاذ بالأمس عندما حكم وقارناها بالتي ينتهجها التلميذ اليوم لوجدناهما في المحصلة يتحركان تحت ذات السقف.
 فكلاهما التزم بثوابت السياسة التركية في الاقتصاد والعلاقات الدولية والإقليمية، مثل العلاقة مع الحلف الأطلسي ومتابعة السير نحو أوروبا، والعلاقة مع الكيان الصهيوني، مع أنه يسجل للتلميذ نجاح أكبر في محاصرة العسكر، وتحسنت أوضاع حقوق الإنسان بما لا سابق له في أي عهد من عهود الجمهورية؛ وكفت أيدي العسكر إلى حد بعيد؛ وناور أردوغان مناورات ذكية أنجت تركيا من التورط في المستنقع العراقي.
 ولأول مرة تبدي تركيا علناً معارضتها لإسرائيل، فتسحب سفيرها احتجاجاً على فظائع الصهاينة في غزة، وكان ما كان من إرسال أسطول الحرية لفك الحصار عن القطاع، كما تحقق نمو معتبر في العلاقات التركية – العربية، وبالخصوص مع سورية حتى طالبت تركيا بالعضوية الشرفية في الجامعة العربية.
نحن إذاً أمام مشروع إسلامي واحد يتحرك بذكاء ضمن المتاح؛ لتحقيق أهداف الإسلام تدرجاً… ألم تتنزل شرائعه منجّمة؟
 *   كيف تقيم التجربة التركية بين التجارب الإسلامية الثلاث التي عرضتها؟
 ** تعد التجربة التركية هي الأرشدَ بين التجارب الإسلامية الثلاث التي عرضناها باختصار. وربما يعود السبب الرئيسي إلى أنها تحركت ضمن إطار منضبطِ لمجال المغامرة، والطموحاتُ فيه محدودة بما حد من الرغائب الثورية المجنحة، والأخيلة الجامحة التي قد تغري المتربع على عرش السلطة في لحظات انفعال أن الشعب الذي بين يديه بل العالم من حوله صلصال يمكن لجهاز الدولة العتيد أن يعيد تشكيله كما يشاء؛ كما فعلت كل الثورات التي مرت بالمنطقة ومنها الثورية السودانية الإسلامية؛ لكنها تكتشف - وغالباً بعد فوات الأوان - أن هويات الشعوب تأبى على جهاز الدولة مهما عتا أن يفككها؛ بل هي ترد الفعل فتزداد انغلاقا.
 ولن أتعرض هنا لتجربة تطبيق إسلامي أعقد هي التجربة الإسلامية في إيران، فهي ذات خصوصية تحتاج إلى فسحة أكبر.
 غير أن من دروس هذه التجارب المستفادة أن التدرج في التطبيق الإسلامي بعد غربة طويلة أجدى وأن تمركز الجهد على إصلاح الإنسان ومؤسسات المجتمع أولى من التمركز حول الدولة وعدِّها أعزَّ مطالب الحركة الإسلامية، فأعز مطالب الإسلام وبالخصوص ضمن الظروف الدولية القائمة هو مطلب الحرية قيمةً إسلامية كبرى وبوابةً رئيسة لكل إصلاح.
وخير من الانفراد بالحكم ولو كان ذلك مقدوراً عليه انتخابياً فالمشاركة فيه – إذا كان ولا بد منها- خير من تحمل مسؤوليته باستقلال.
 مفهوم الإسلام السياسي
 * هذا الكلام يدفعني للسؤال عن مفهومكم للإسلام السياسي؟ وهل لا بدّ له بالضرورة أن يختلف ويتعارض مع الإسلام التقليدي، إن صحّ التعبير؟
 ** الإسلام من جهة مصادره واحدة؛ وهو ما أجمع عليه المسلمون على امتداد الزمان والمكان عقائد وأركاناً وشعائر وأخلاقيات، ثم يأتي الاختلاف في سياق هذه الدائرة والمعالم الكبرى، وقد يضيق الإسلام في مفهوم بعض المسلمين حتى يقتصر على عدد من الشعائر المفصولة من الجسم العام للإسلام، وقد تضيق أكثر من ذلك فتقتصر على مجرد الانتساب الشكلي أو الجغرافي.
 وربما ذلك هو ما يعرف بالإسلام التقليدي مقابل الإسلام الحركي أو السياسي الذي نظر للإسلام بعدِّهِ منهج حياة؛ تمتزج فيها العقيدة بالعبادة وبالمعاملات وبسائر مناهج الحياة، لأنَّ الإسلام ليس مجرد دين؛ وإنما دين وأمة وحضارة وثقافة ودولة.
 والحقيقة أنه قبل مرحلة تعرض الأمة لمصيبة الاحتلال الأجنبي، وتفريخ أجيال من النخبة منفصلة عن روحها ضائقة ذرعاً بانتسابها لهذه الأمة مراهنة على تفكيك هويتها وإعادة تشكيلها على صورة الغرب، قبل أن تبتلى الأمة بمثل هؤلاء ما كان أحد من نخبة المسلمين ولا من عامتهم يشكك في أن الإسلام - كما يقول ابن القيم - روح عامة تجري في كيان المسلم الفردي والجماعي سريان الماء في العود الأخضر.
 وإذا كان الجهل والانحطاط قد قلّصا ظل الإسلام فانحسر عن جملة ميادين الحياة التي كان يغطيها؛ فقد عملت الحركة الإصلاحية منذ قرنين على تحرير أشرعة سفينته من كثير من القيود التي تكبلها، فعاد الإسلام ينشر ظلاله على مساحات واسعة من حياة المسلمين كانت مذاهب العلمنة قد زحزحته عنها، وذلك هو المعنى الأساسي للإسلامية أو لما يسمونه الإسلام السياسي مقابل الإسلام التقليدي؛ ولك أن تقول التدين الانحطاطي المصادم لجوهر عقيدة التوحيد الأساس الأعظم للإسلام التي تحمل للمسلم توجيهاً في كل مجالات الاعتقاد والفكر والشعور وسائر علائقه ومسالكه ترجمة لهذا البيان الإلهي العظيم الذي يلخص رسالة الإسلام التوحيدية " قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ"، 
 وذلك هو جوهر صراع الإسلام مع العلمانية، فهي تناضل من أجل إرساء عالم محوره الإنسان،حيث يمكن لضرب من صورها المعتدلة أن يسمح للدين فيه بمكان هامشي شريطة قبول هذا الأخير بجملة من الجراحات تعيد صياغته بما يتوافق مع أنموذجها، بينما جوهر رسالة الإسلام وكل النبوات الدعوة إلى إرساء عالم محوره الله جل جلاله بارئ الأكوان ومكرّم الإنسان بالاستخلاف على كل شيء؛ لله عليه سيادة كاملة ثم تكون للإنسان السيادة في الكون، فكل شيء من أجله خلق، أما هو فمخلوق لله، ويجب أن يمارس سلطانه في الكون ضمن سيادة الله المطلقة التي جاءت النبوات ترجماناً عنها وختمت بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام.
 ولذلك أحسن الإمام البنا أحد الآباء المؤسسين للمشروع الإسلامي الترجمة المعاصرة عن هذا التصورإذ رفع شعار: القرآنُ دستورنا؛ أي المصدر الأعلى للقيم وللتشريع، في إطاره يجب أن تتحرك سلطة العقل في الاجتهاد والتشريع وكل سلطة أخرى في أي مجال، إلا أن التوحيد الإسلامي لم يتجسد في فرد ولا في مؤسسة للتعبير عن الحقيقة المطلقة بما يجعل سلطة تفسير النصوص مفتوحة وقابليات التعدد الاجتهادي بلا عدد، تفاعلاً مع ما يستجد من علوم ومعارف ومشكلات.
 وعندما يتعلق الأمر بقرار يخص الجماعة فيمكن الاسترشاد بأفضل سبيل متوافر للتعبير عن مصلحتها واتجاهها العام بما يدرأ سوءة الاستبداد وانفراد فرد أو أفراد بالقرار الذي يخص الجماعة، مما هو النقيض من كل وجه للشورى التي تجد في أساليب الديمقراطية المعاصرة في الوصول إلى القرار الجماعي ودرء منكر الاستبداد آلية مناسبة جدا قابلة للتطور الدائم.
 ذلك هو الفرق الأساسي بين التدين الانحطاطي أو التقليدي وبين التدين الذي ما فتئ الإصلاحيون الإسلاميون على اختلاف اتجاهاتهم يكافحون من أجله منذ أزيد من قرنين، التدين قاوم باسم الإسلام ولا يزال الاحتلال الغربي، وفي الداخل تصدى للاستبداد وعبأ الأمة لمواجهة التجزئة المفروضة سعيا نحو الوحدة، وقاوم ما أشاعه الانحطاط من سلبية قدرية وتزهيد في العمل الدنيوي، وميل إلى الانطواء على الذات ونفور من السياسة والعمل الجماعي لتغيير الأوضاع الفاسدة واجهة التحديات. هذا التدين التقليدي بحكم سلبيته يجد التشجيع من الحكام الظلمة، وحتى من دعاة الحداثة بمن فيهم العقول التي توجه السياسات الدولية مثل مؤسسة راند التي نصحت صناع السياسة في الدولة الأعظم بتشجيع التدين التقليدي والتدين الصوفي.
 الإسلاميون وقضايا الحوار
 * هناك دعوات كثيرة للحوار بين التيار الإسلامي والتيار العلماني، ما هي برأيك أسس هذا الحوار كي يكون فاعلاً؟
 ** الحوار مع العلمانيين تجاوز مرحلة الحديث والدعوة والإقناع. هناك مؤسسات اليوم ليست لمجرد الحوار وإنما للعمل المشترك بين التيارين القومي العلماني وبين التيار الإسلامي ولك أن تقول القومي الإسلامي مثل مؤسسة المؤتمر القومي الإسلامي ومؤسسة الأحزاب العربية، ذلك على الصعيد القومي.
 أما على الصعيد القطري فهناك حجم من التنسيق والتعاون لا بأس به بين التيارين في الأردن مثلا وفلسطين واليمن وسورية والعراق والجزائر ولبنان وموريتانيا.. وبقدر أقل في تونس ومصر.. سواء أكان ذلك التعاون في الهموم القُطرية مثل قضية الدفاع عن الحريات في مواجهة تغول الدولة واستبدادها بالجميع، أم كان في مواجهة الفساد المتفاقم والتفويت المفروض في القطاع العام لصالح الرأسمال الدولي ووكيله المحلي، ضمن سياسة التفريط فيما تبقى من استقلال البلاد دخولاً في الأحلاف وتطبيعاً مع العدو الصهيوني.
 وعلى الصعيد القومي والدولي تصديا للهجمة الدولية على الأمة في أشكال مختلفة، ونضالاً من أجل وحدة بلاد العرب ودعم التضامن والتعاون بين المسلمين، ودعم قضايا التحرر في مقاومة الاحتلال في فلسطين والعراق.
 المطلوب الارتفاع بمستويات هذا التعاون على أساس الاعتراف للجميع بحقوق المواطنة المتساوية وبالديمقراطية آليات لتنظيم وإدارة الشأن العام، والاعتراف بالإسلام مقوماً أساسياً لهوية الأمة واستقلالها الفكري، واعتبار وحدة بلاد العرب هدفاً استراتيجياً مشتركاً، وكذا التصدي للهيمنة الدولية ولتدمير الطبيعة ومقومات الحياة، ممّا يفرض التعاون مع القوى التحررية في العالم مثل القوى المناهضة للعولمة وللقوى الشيطانية المصممة على نزع كل قداسة عن أي شيءٍ في الحياة وتدمير الأسرة والإنسان واختزاله في غرائزه.
 تلك مجالات واسعة للتعاون بين التيار الإسلامي والتيار العلماني والقومي ومع أهل الديانات الأخرى كما حصل في مؤتمرات السكان من تعاون بين الأزهر وقوى التيار الإسلامي وبين الفاتيكان في الدفاع عن الأسرة تصدياً لتيارات التفسخ والدعوة إلى الجنس الآمن و«الأسرة المثلية»!!.
 * كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الحوار بين الأديان وعقد أكثر من مؤتمر لهذه الغاية.. ما رأيكم في هذه المسألة وما هي أبعادها وآفاقها؟
 ** اعترف الإسلام منذ لحظة التأسيس بالتعدد الديني، وخص أهل الكتاب بمعاملة خاصة وأفسح أمامهم منزلة المواطنة « الذمة» فكان لهم الإسهام المقدّر في بناء حضارة الإسلام ودولة الإسلام.
 غير أن الآخرين لم يبادلوه الاعتراف بل ظلوايطعنون في كبريات يقينياته من أنه دين منزل مثل دياناتهم ومن ذات المصدر. لم يفرض عليهم الاعتراف به شرطاً ليعترف بهم أو لتمتيعهم بحقوق المواطنة وذلك من سماحته، بينما هم ينظرون بل يصرحون بأنه مجرد هرطقة، واستمروا على ذلك حتى يوم الناس هذا.
 ومن ذلك أنه على إثر إحدى ندوات الحوار الإسلامي المسيحي اليهودي دار نقاش حول صيغة اقترحها الطرف الإسلامي في مشروع البيان الختامي تنص على أن ممثلي الديانات السماوية الثلاث يدعون… فاعترض طرفا الحوار على هذه الصيغة معللين ذلك بأنهما لا يؤمنان بسماوية الإسلام، وهو ما جعل الحوار غير متكافئ بل مختلاً، بما تأثّل في الثقافة المسيحية واليهودية من روح العداوة والاحتقار للإسلام وأهله والرغبة في العدوان عليهما، حتى ما يكاد يمر أسبوع دون أن تصدر عن جهة يهودية أو مسيحية إهانة أو تدنيس لأحد مقدسات الإسلام بالقول أو الفعل، فهذا يكتب آيات من الكتاب العزيز على حذاء وآخر يرسمها على ملابس نسويّةٍ داخلية وثالث يدنس المصحف وخامس يهدد بقصف الكعبة المشرفة وخامس يكتب اسم الرسول عليه الصلاة والسلام على رأس خنزير…. بينما لا تلاقي مقدسات اليهود والنصارى وحتى الوثنيين لا تلاقي من المسلم غير الاحترام.
 فأي حوار مع من لا يعترف بك !؟، ثم إنهم كثيراً ما يعمدون إلى اختيار محاوريهم من بين مسلمين متفسخين ليسمعوا منهم عن الإسلام ما يريدون. لقد اعتذرت البابوية لكل من أساءت إليهم إلا المسلمين الذين أفتت بإبادتهم في إسبانيا، ولم تخفف عنهم وطأةَ ما أصابهم بشطر كلمة أسف.
 ولئن كان الوجود المسيحي في الشرق تم بحماية الإسلام وفي ظل حضارته فإن دخول الإسلام إلى أوروبا لم يكن من بابها؛ بل من باب تنحيها عن سدة السيطرة لصالح العلمانية. إنها الضرورات الاقتصادية وليست السماحة الدينية. ومع ذلك دعوة الإسلام إلى التعاون مع كل البشر على ما فيه خير البشرية في القضايا المشتركة لا تستثني جهة بما في ذلك أهل الديانتين.
 وللحوار بقية ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق